عرفت انّ ثمرة البحث انما هي الأخذ بظاهر الدليل على تقدير إمكانه ، ولزوم رفع اليد عنه على تقدير استحالته.
وقد ذكر في إمكان ذلك وجوه :
١ ـ منها : ما ذكره في الكفاية (١) ، من انّ شرط الواجب ليس من قبيل الشرط في العلل الخارجية ليكون مؤثرا فيها ، وانما هو بمعنى ما يتصف الواجب بالإضافة إليه بالحسن والمحبوبية ، أو بالوفاء بالغرض ، ومن الظاهر انّ حسن الأفعال وقبحها يختلف بالوجوه والاعتبار ، ومنها الإضافات ، مثلا الفعل الواحد كالنظر إلى امرأة معيّنة بالإضافة إلى زوجها حسن وبالإضافة إلى الأجنبي قبيح ، وأمثلته في العرفيات كثيرة ، فانّ كثيرا من الأفعال تكون بالإضافة إلى الأشخاص المتعارفين حسنا ، وبالإضافة إلى زعيم القوم قبيحا ، أو بالعكس ، ومن الوجوه عنوان الفعل بعمل آخر مثلا رفع عمامة أحد في الملأ عن رأسه قبيحا ، إلّا إذا كان متعقبا بقتل العقرب الّذي رآه في عمامته ، فانه حينئذ يكون حسنا ، أو عنوان مسبوقيته بشيء ، مثلا ضرب المؤمن بلا جهة قبيح ، وإذا كان مسبوقا بصدور عمل قبيح منه يكون حسنا ، والمقام من هذا القبيل ، فانّ ملحوقية الواجب بشيء يمكن ان يكون دخيلا في اتصافه بالحسن وإضافة العمل إلى الفعل المتأخر موجبا لمحبوبيّته.
ونقول : ما أفاده صحيح بالقياس إلى الحسن أو القبح الّذي هو من الأمور الاعتبارية ، ولكنه لا ربط له بالواجبات على ما هو الصحيح عندنا من تبعية الأحكام لمصالح في متعلقاتها ، فانّ الواجب حينئذ يكون مؤثرا في المصلحة ، فيلحق بالعلل الخارجية ويجري فيه ما تقدم.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ١٤٧.