إيجادا للمعنى ، فيقال حينئذ انه لا فرق بين التكوينيات والتشريعيات في استحالة تخلف الإيجاد فيها عن الوجود ، وقد عرفت انّ الإنشاء انما هو اعتبار نفساني ، فيصح تعلقه بأمر متأخر كما يصح تعلق سائر الصفات التعلقية به من التصور واللحاظ والرضا والبناء ونحو ذلك.
الوجه الرابع : لاستحالة رجوع القيد إلى الهيئة ما ذكره المحقق النائيني (١) من انّ أهل الأدب ذكروا انّ أداة الشرط موضوعة لربط جملة بجملة ، فالشرط في قولك «ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود» يعلق مفاد التالي وهو وجود النهار على مفاد المقدم وهو طلوع الشمس ، وهكذا لو قال «إذا زالت الشمس فصلّ» فمفاد صلّ أعني وجوب الصلاة أو اتصافها بالوجوب معلق على زوال الشمس ، وعليه فالقيود لا ترجع إلى المادة ولا إلى الهيئة ، وانما ترجع إلى مفاد الجملة وهي النسبة الإيقاعية.
هذا ويرد عليه.
أولا : انّ هذا عين ما أنكره من رجوع القيد إلى الهيئة غايته بتقريب آخر ، فانّ القائل برجوع القيد إليها لا يقول برجوعه إلى طبيعي الوجوب مطلقا ، وانما يدعي رجوعه إلى الوجوب الخاصّ المتعلق بما ذكر في القضية كوجوب الصلاة في المثال ، فعلى القولين يكون المعلق وجوب الصلاة ، فليس بينهما فرق إلّا لفظي.
وثانيا : انّ مفاد الجملة لا محالة يكون مستفاد من مجموعها المركب من المعنى الاسمي والحرفي ، والمتحصل منهما لا بدّ وان يكون معنى حرفيا غير قابل للحاظ الاستقلالي على مسلكهم ، فكيف يكون قابلا للتقييد ، فلا محصل له.
الوجه الخامس : ما ذكره الشيخ قدسسره من الرجوع إلى الوجدان ، فانّ من تصور
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ١٣١.