المقدمة الّذي يترتب عليه وجوب المقدمة ، وليس هذا من الأصل المثبت ، لأن المثبت انما هو ترتيب الأثر الشرعي المترتب على اللازم العقلي للمستصحب ، وهذا انما هو ترتيب الأثر العقلي على المستصحب كما في المثال.
وبالجملة ، فهذا الاستصحاب في نفسه لا مانع منه ، إلّا انّ الأدلة الواردة في التعلم كقوله : «هلا تعلمت» (١) تكون رادعة عن جريان الاستصحاب في أمثال المقام ، وذلك لأنّ أغلب موارد الجهل يكون مما يحتمل المكلف عدم ابتلائه بها في مدة حياته ، فإذا خصصنا مورد تلك الاخبار بصورة القطع بالابتلاء لزم تخصيصها بالمورد النادر ، فلا يمكن ذلك ، وعليه فتعم موارد ثبوت الاستصحاب أيضا ، فتكون رادعة عنه.
ويمكن إبداء مانع آخر عن جريان الاستصحاب في المقام ، وهو دعوى ثبوت العلم الإجمالي بالابتلاء ببعض الوقائع المحتملة إلى آخر العمر ، وعليه فيتعارض استصحاب عدم الابتلاء بكل منها باستصحاب عدم الابتلاء بالآخر ، فيسقط لا محالة فيبقى حكم العقل بلزوم التعلم دفعا للضرر المحتمل. ولا يخفى انّ تنجيز هذا العلم الإجمالي غير مبني على تنجيز العلم الإجمالي في التدريجيات ، فانّ هذا العلم منجز وان لم نقل بذلك لأنّ أثر فعلي وهو وجوب التعلم.
وبعبارة أخرى : التكليف المعلوم بالإجمال فعلي وهو وجوب المعرفة غايته متعلق ما تعلق به الوجوب أمور تدريجية ، فانّ المكلف يعلم إجمالا بوجوب تعلم بعض المسائل عليه إجمالا ، فيكون منجزا سواء قلنا بتنجيز العلم الإجمالي في التدريجيات أو لم نقل ، فاذن لا فرق في وجوب التعلم بين القطع بكون الواقعة مما يبتلى بها واحتماله.
__________________
(١) راجع أصول الكافي ـ ج ١ ـ ص ٣٠.