ثم بعد ما ثبت وجوب التعلم بالفعل لا يبقى مجال لاستصحاب بقاء قدرته على التعلم فيما بعد ليترتب عليه جواز تأخيره ، فانّ وجوب التعلم حكم عقلي مترتب على احتمال الضرر ، ولا يترتب على الاستصحاب. فتحصل انّه لا يقاس التعلم ببقية المقدمات.
بقي امران :
الأول : ان استحقاق العقاب عند ترك التعلم أو تعجيز النّفس بتفويت المقدمة وعدم التحفظ عليها هل يكون عند ترك التعلم أو المقدمة الأخرى ، أو يكون ذلك عند تحقق المخالفة والعصيان؟
فصل الميرزا قدسسره بين ترك التعلم والتعجيز بتفويت سائر المقدمات ، فذهب إلى انّ استحقاق العقاب في الثاني يتحقق بمجرد تعجيز النّفس ، وفي الأول لا يتحقق إلّا بعد العصيان ، بدعوى انه في التعجيز لا يكون المكلف قادرا على الامتثال وانما لا يكون قادرا على إحرازه.
وفيه : أولا : انه في ترك التعلم أيضا ربما لا يكون المكلف قادرا على أصل الامتثال كما عرفت سابقا.
وثانيا : انّ استحقاق العقاب انما يكون بتفويت الملاك ، ومن الواضح انّ بالتنجيز لا يفوت الملاك وانما يفوت بعدم الإتيان به في ظرفه ، فالصحيح انّ استحقاق العقاب لا يكون إلّا عند العصيان.
نعم لا يبعد ان يكون الاستحقاق ثابتا عند ترك التعلم لكونه واجبا نفسيا على ما عرفت.
الثاني : انّ الشيخ أفتى في رسالته العملية بفسق من لم يتعلم أحكام الشك وقد احتمل في وجه ذلك وجوه :
أحدها : ان يكون من باب ذهابه إلى وجوب التعلم نفسيا.