النفسيّ والغيري علم إجمالي آخر وهو العلم بوجوب المقدمة نفسيا أو وجود ذيها كذلك ، وحيث انّ كلا من الطرفين في نفسه مورد للبراءة لا محالة تسقط فيهما بالمعارضة ، ونتيجته الاحتياط ولزوم الإتيان بكل منهما.
هذا ولكن المختار هو انحلال هذا العلم الإجمالي بالعلم بوجوب المقدّمة تفصيلا غايته مرددا بين كونه نفسيا أو غيريا ، وهذا نظير انحلال العلم الإجمالي في الأقل والأكثر بالعلم التفصيليّ لوجوب الأقل على كل تقدير مرددا بين ان يكون ضمنيا أو استقلاليا ، فمن قال بالانحلال هنا يقول به في المقام ، ومن قال بأنه لا ينحل بذلك لا يقول به في المقام أيضا.
ومن هذه الجهة ذكرنا انّ ما نحن فيه يكون نظير الشك في الأقل والأكثر ، ونتيجة الانحلال هو وجوب الإتيان بالمقدمة فقط ، فعلى أي حال لا تصل النوبة إلى البراءة عن وجوبها كما هو واضح.
وهناك صورة ثالثة للشك في الوجوب النفسيّ والغيري ، وهي ما إذا علم المكلف بوجوب شيئين وتردد امر أحدهما بين كونه واجبا نفسيا أو غيريا. وبعبارة أخرى شك المكلف في تقيد أحد الواجبين بالآخر.
وقد ذهب الشيخ والميرزا قدسسرهما إلى جريان البراءة عن التقييد في ذلك.
والتحقيق انه يكون لهذه الصورة أقسام :
القسم الأول : ان يعلم المكلّف باتحاد الوجوبين من حيث الإطلاق والاشتراط وتلازمهما في ذلك كما في وجوب الوضوء والصلاة المستفاد من قوله عليهالسلام : «إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة» وحيث انّ المكلف في هذا القسم يعلم إجمالا بوجوب الوضوء نفسيا ، أو تقيد الصلاة به ، وكل من الخصوصيّتين في نفسه مورد للبراءة ، فلا محالة تسقط البراءتان بالمعارضة ، فلا بدّ من الاحتياط العقلي حيث لا رافع لاحتمال التقيّد.