القسم الثاني : ان يكون أحدهما مطلق والآخر مقيّد ، كما لو علمنا بأنّ الوضوء لو كان واجبا نفسيا فهو مطلق بالقياس إلى خارج الوقت وداخله ، وان كان غيريا فوجوبه مقيد بدخول الوقت وقبله ليس بواجب ، والاجتزاء بغير المأمور به عن المأمور به يحتاج إلى دليل.
وذهب النائيني قدسسره في هذا الفرض إلى جريان البراءة عن النفسيّة التي لازمها الإطلاق ، فيرد عليه : انّ البراءة انما تجري عن التضييق لا عن الإطلاق والتوسعة ، فلا وجه لما أفاد.
فالصحيح انّ العلم الإجمالي المتعلق بالوجوب النفسيّ أو التقيد بما بعد الوقت يمنع عن جريان البراءة عن كل من الأمرين ، فتصل النوبة إلى الاشتغال لا محالة.
القسم الثالث : ما إذا كان أحد الوجوبين على تقدير ثبوته مقيدا بالوقت والآخر بقبل الوقت ، كما لو فرضنا انّ الوضوء لو كان واجبا نفسيا فهو مقيد بما قبل الوقت ، وان كان غيريا فهو مقيد بما بعد الوقت.
وفي هذا الفرض أيضا تقع المعارضة بين البراءة عن كل من التقييدين بعد العلم الإجمالي ، فتسقط ، فلا بدّ من الاشتغال بالإتيان بوضوءين أحدهما في الوقت والآخر قبل دخوله.
هذا ملخّص الكلام في أقسام الشك في الغيريّة. وقد عرفت انّ المرجع في بعضها هو البراءة كما في الصورة الأولى ، وفي جملة منها الاشتغال كما في بقيّة الصور.
ثم لا ريب في ترتب الثواب على امتثال الوجوب النفسيّ وترتب العقاب على مخالفته ، إلّا انه ليس المراد من استحقاق الثواب ان تكون الإثابة واجبة على المولى ، بداهة انّ العقل يلزم العبد بالقيام بوظيفة العبودية ، فهو من وظائفه ، مضافا إلى انّ ما أتى به العبد وامتثاله من تكاليف المولى ، لا يساوي بعض ما أنعم المولى عليه في الدنيا فكيف يطالب به الثواب من المولى بل المراد من استحقاق الثواب