أحدهما : انه لا مانع من نهي الشارع عن بعض افراد المقدمة ، فانه يوجب ذلك انصراف وجوبها إلى غير المنهي عنه ، نظير ما إذا توقف الواجب على المشي في طريقين فنهى الشارع عن المشي في أحدهما ، فلا يكون في صحّة النهي دليل على الاختصاص.
ثانيهما : انه لو اختص وجوب المقدمة بالمقدمة الموصلة لزم التكليف بغير المقدور ، وجواز ترك الواجب النفسيّ اختيارا فيما إذا لم يرد المكلف الإتيان بذي المقدمة في فرض انحصار المقدمة بالمحرم ، وذلك لأنه حينئذ لا تكون المقدمة مرخصا فيها ، لأنّ جوازها انما يكون في فرض إيصالها وإرادة الإتيان بذيها ، فتبقى على حرمتها ، وإذا كانت محرمة فهي ممتنعة شرعا ، وإذا امتنعت المقدمة يمتنع ذوها أيضا ، فيكون التكليف به تكليفا بغير المقدور.
وفي كلا الإيرادين ما لا يخفى.
اما الإيراد الأول ففيه :
أولا : انه يمكن ان يغير صاحب الفصول تقريبه بان يقول : انّ الحاكم بالملازمة بين وجوب ذي المقدمة ووجوبها انما هو الحكم ، فالعقل ـ بعد ما بينا غير مرة من انّ الإهمال النّفس الأمري غير معقول ، وانّ الحاكم لا يعقل ان يكون شاكا في موضوع حكمه ـ اما ان يحكم بثبوت الملازمة بين وجوب ذي المقدمة ووجوب مطلق المقدمة ، واما ان يحكم بالملازمة بينه وبين وجوب حصّة خاصة من المقدمة ، وعلى الثاني يثبت المطلوب ، وعلى الأول يستحيل ان يخصص حكم العقل بالنهي الشرعي ويرتفع به إطلاق وجوب المقدمة ، فمن صحّة النهي يستكشف انّ طرف الملازمة من أول الأمر انما كان غير المنهي عنه.
ولا يخفى انّ مرادنا من الإطلاق والتقييد انما هو إطلاق فرد واحد وتقييده بالإضافة إلى حال الإيصال وعدمه ، فلا يقاس ذلك بأصل وجوب المقدمة في