وأورد عليه في الكفاية (١) بما توضيحه : انه ليس معنى القول المعروف من انّ نقيض كل شيء رفعه انّ نقيض كل شيء عدمه وإلّا لتسلسل ، فانّ نقيض الوجود هو العدم ، ونقيض العدم هو عدم العدم وهكذا ، ولزال التضايف بين المتناقضين مع وضوح التضايف بين المتناقضين ، فلا بدّ وان يراد من الرفع معناه الحقيقي أعني القطع ، فانّ الوجود يكون ناقض العدم بمعنى انه يقطع الهيئة الاتصالية الثابتة للعدم الأزلي ، وكذلك العدم الطارئ يقطع الهيئة الاتصالية الثابتة للوجود الواحد وان انعدم بعد ذلك أيضا. وعلى هذا فنقيض الوجود هو العدم ، ونقيض العدم هو الوجود. ففيما نحن فيه نقيض الترك الخاصّ ليس إلّا الفعل الخاصّ ، واما الترك المجرد فليس نقيضا للترك الخاصّ ، وأقوى شاهد عليه هو إمكان اجتماعهما ، والنقيضان لا يجتمعان.
وفي عبارة الكفاية في هذه الجملة مسامحة واضحة ، حيث يعبر عن نقيض الترك بترك الترك فراجع ، وعليه فلا يتم ما ذكره الشيخ قدسسره.
هذا وما أفاده متين جدا مع قطع النّظر عن المسامحة في التعبير ، إلّا انه يرد على الفصول انّ ما ذكره مبني على مقدمات باطلة بأجمعها.
الأولى : ان يكون ترك الضد مقدمة لفعل ضده ، وهو فاسد.
الثانية : ان تكون المقدمة واجبة شرعا.
الثالثة : ان يكون الأمر بالشيء مقتضيا للنهي عن ضده العام.
وجميع تلك المقدمات فاسدة كما مر وسيأتي إن شاء الله.
هذا مضافا إلى جميع ذلك انّ النهي الّذي يوجب فساد العبادة انما هو النهي النفسيّ الناشئ عن مفسدة ومبغوضية في الفعل. واما النهي الغيري والمبغوضية
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ١٩٣.