وعلى الثاني فتوهم العينية واضح الفساد ، لأنّ البعث والزجر امران متقابلان ، كما انّ الشوق والكراهة صفتان متقابلتان يستحيل عينيتهما كما يستحيل ان يكون أحدهما جزء للآخر.
نعم لتوهم الاقتضاء بمعنى اللزوم وجه ، ولكن اللزوم البين بالمعنى الأخص واضح الفساد لعين ما ذكره الميرزا (قده) في دفع توهم العينية من انّ الآمر كثيرا ما لا يكون ملتفتا إلى ضد ما امر به ، فكيف يكون اللزوم بينا بحيث يستلزم تصور الأمر بالشيء تصور النهي عن ضده.
واما اللزوم البين بالمعنى الأعم أعني الجزم باللزوم بعد تصور اللازم والملزوم والملازمة ، فهو في نفسه قابلا لأن يدعى ، إلّا انه أيضا غير صحيح ، لأنّ الأحكام على المسلك الصحيح ليست جزافية وانما الأمر يكون ناشئا عن مصلحة في متعلقه. كما انّ النهي ناشئ عن المفسدة ، ومن الواضح انّ ثبوت المصلحة في الفعل غير مستلزم للمفسدة في تركه وانما الثابت فيه عدم النّفع ، وإلّا لتسلسل.
ويشهد لذلك ما تراه وجدانا في إرادتنا التكوينية ، فانه ليس لنا شوق إلى الفعل وبعض من الترك كما نرى بالوجدان انّ المخالف لأمر سيده لا يكون عاصيا له بعصيانين : عصيان لأمره ، وعصيان لنهيه ، وهذا واضح.
والحاصل : انه لو فسرنا النهي بطلب الترك فمعنى طلب ترك الضد العام أعني الترك ليس إلّا الأمر بالفعل ، فهو يناسب العينية ، إلّا انّ البحث عنه مما لا معنى له.
واما دعوى الجزئية ، أو اللزوم فغير معقول ، لأنّ الشيء يستحيل ان يكون جزء لنفسه أو لازم ذاته.
واما لو فسرناه بالزجر عن الترك فدعوى العينية والجزئية ممنوعة كما عرفت ، كما انّ دعوى اللزوم البين بالمعنى الأخص كذلك ، واما اللزوم البين بالمعنى الأعم فيمكن دعواه في نفسه ، إلّا انه أيضا فاسد لما نرى بالوجدان انّ في إرادتنا