ومنها : ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره (١) ويوجد في كلمات غيره أيضا بنحو الإجمال وحاصله : انّ اجزاء العلّة وان كانت مشتركة في ثبوت المعلول وترتبه عليها إلّا انها مختلفة في أنفسها ، فالمقتضي المعبر عنه بالسبب هو الّذي يسند إليه الأثر ، كالنار بالنسبة إلى الإحراق ، فانه مستند إليه وهو بنفسه غير كاف في التأثير ، بل لا بدّ وان يكون المحل قابلا للاحتراق وإلّا فالتراب لا يحترق بالنار ، كما انه لا بد ان تتحقق المحاذاة بينهما ويعبّر عنهما بالشرط ، وجامعهما ان يكون دخيلا في فعليّة الأثر وان لم يكن الأثر مستندا إليه وبعد ذلك تصل النوبة إلى عدم المانع ، أي المزاحم للمقتضي في تأثيره كالرطوبة الموجودة في المحل ، وهذه الأمور طولية في اسناد عدم المعلول إلى عدمها.
فإذا فرضنا انّ المقتضي لتحقق شيء لم يكن موجودا لم يصح اسناد عدمه إلى عدم تحقق شرطه ، أو إلى وجود المانع ، بل لا بد وان يكون مستندا إلى عدم مقتضية ، مثلا لو لم تكن النار موجودة لا يقال انّ هذا الجسم لم يحترق لوجود المانع فيه وهو الرطوبة ، فانه لو لم يكن المانع موجودا لم يكن محترقا أيضا لعدم وجود مقتضي للإحراق ، وكذلك لا يصح استناده إلى عدم تحقق الشرط ، فانّ الشرط لو كان متحققا أيضا لم يتحقق الاحتراق ، وهذا واضح.
نعم بعد وجود المقتضي إذا لم يتحقق المعلول يستند ذلك إلى عدم تحقق الشرط ، وفي هذا الفرض لا يمكن الاستناد إلى وجود المانع ، وانما يصح ذلك في ما إذا ثبت المقتضي وتحقق الشرط ولم يوجد المعلول لا محالة يكون ذلك من جهة وجود المانع.
ومن ذلك ذكروا استحالة جعل أحد الضدين شرطا والضد الآخر مانعا في
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٢٥٥ وما بعدها.