أيضا متأخر رتبة عن المقتضي والشرط ، وعليه فإذا وجد أحد الضدين أو ثبت المقتضي لوجوده فان لم يكن مقتضي للضد الآخر ، فعدمه مستند إلى عدم المقتضي دون وجود المانع ، إذ لو كان الضد موجودا أيضا لم يوجد هذا العدم المقتضي له أصلا. وإلّا فان ثبت له مقتضي فيستحيل ثبوت المقتضي للضد الآخر ، وذلك لأنه مستلزم لثبوت المقتضي لاجتماع الضدين وهو محال ، فانّ عدم الممتنع ذاتا لا بدّ وان يستند إلى استحالته الذاتيّة لا إلى وجود المانع ، ومن الواضح انه لو فرضنا ثبوت المقتضي لاجتماع الضدين فعدمه لا محالة يكون مستندا إلى وجود المانع.
هذا ونقول : ما أفاده انما يتم فيما إذا كان المقتضي مقتضيا لتحقق كل من الضدين مع فرض تحقق الآخر ، وليس المدعى ذلك.
وامّا تحقق المقتضي لوجود كل منهما في نفسه فلا مانع منه ، لأنه ليس وجود كل منهما كذلك امرا مستحيلا ، بل هو ممكن فلا مانع من ان يستند عدمه إلى وجود المانع ، وذلك كما لو فرضنا انّ أحدا يجر شيئا إلى طرف اليمين وشخصا آخر يجره إلى طرف الشمال فانّ كلا من الجرين يكون مقتضيا لأحد الضدين والآخر يمنع عن تأثيره ، ولو لا ذلك لانسد باب التمانع رأسا.
وبالجملة لا مانع من ان يفرض وجود المقتضي مع شرطه لكل من الضدين غاية الأمر يحصل التمانع بينهما فيستحيل تحققهما ، وهذا واضح ، ولا يبعد إرجاع ما في الكفاية في أواخر المبحث إلى ما ذكره الميرزا قدسسره ، وقد عرفت الجواب عنه.
ومن الوجوه المذكورة لإبطال المقدمية ما ذكره المحقق النائيني قدسسره (١) وهو
__________________
(١) راجع فوائد الأصول ـ المجلد الثاني ـ ص ٣٠٨ تفريعا منه على تأخر رتبة المانع عن وجود المقتضي والشرط ، وأجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٢٥٥ ـ ٢٥٦. في ذيل برهانه على إنكار التوقف والمقدمية بين ترك أحد الضدين للضد الآخر وفاقا لسلطان العلماء وجملة من المحققين.