وأما الأفعال : ففعل الماضي والمضارع يدلان على فعلية المعنى الّذي كان قابلا لكل من الفعلية وعدمها ، فهما يدلان على حركة المبدأ من القوة إلى الفعلية.
وأما فعل الأمر والنهي ، فهما يدلان على ان المعنى الّذي كان قابلا لتعلق الطلب به وجودا وعدما تعلق به الطلب وصار كذلك فعلا ، وبهذا ظهر الوجه في كون معانيها حرفية ، فانها تدل على تضييق المعنى الاسمي وتقييده بالوجود والفعلية تارة وبفعلية العدم أخرى كما في الحروف ، والفرق بينهما هو ان التضييق في الحروف كان تضييق المفهوم بالمفهوم ، وفي الأفعال يكون التضييق تضييقا بالوجود أو بالعدم ، وهما مشتركان من حيث أصل التضييق ، وبهذا يظهر بيان الخبر المسند إلى أمير المؤمنين عليهالسلام من «ان الاسم ما أنبأ عن المسمّى ، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمّى والحرف ما أوجد معنى في غيره».
بقي في المقام أمران :
أحدهما : النقض بأسماء الأفعال ، فانها أيضا تدل على حركة المسمّى بهذا المعنى.
وفيه : ان المعرّف في الخبر انما هو الفعل أي الهيئة الفعلية ، ومن الواضح انه ليس لأسماء الأفعال مادة موضوعة وهيئة موضوعة استقلالا ، بل المادة والهيئة معا فيها موضوعة لمعنى خاص ، فهي حقيقة من الجوامد غايته ان معناها معنى الفعل ، ولذا يدخل عليها خواص الاسم من التنوين وغيره ، فهي كالخنثى فتأمل (١).
ثانيهما : ان هيئة الجملة الاسمية أيضا تدل على حركة المسمى بهذا المعنى كما في «زيد قائم» فانها تدل على فعلية القيام من زيد ، فالتعريف لا يكون مانعا.
وفيه : ان المعرّف انما هو الكلمة ـ كما يستفاد من المقسم المذكور في الخبر ـ
__________________
(١) وجهه انه ينتقض بها تعريف الاسم لا محالة (منه).