وأما هيئة فعل المستقبل فموضوعة للحكاية عن التلبس بالمبدإ ، أما حال أو الأعم منه ومن الاستقبال.
وأما هيئة اسم الفاعل ونظائره فهي موضوعة لذات مبهمة من جميع الجهات مقيدة من جهة الانتساب إلى المبدأ ، فهي تدل على التضييق والتقييد كالحروف كما ان لفظ الخمر أيضا لا يدل إلّا على شيء مسكر مبهم من حيث كونه مأخوذا من تمر أو عنب أو غيره ، وهكذا لفظ النار تدل على ذاك العنوان المبهم من حيث كونه من خشب أو نفط أو غيره ، وما يقال من خروج الذات عن حقيقة المشتق سيأتي انه غير تام بل الذات مقوم فيه.
وأما هيئة فعل الأمر والنهي فهي موضوعة للدلالة على تعلق الطلب والبعث في الأول والزجر في الثاني بالمعنى الّذي نبيّنه في حقيقة الطلب بالمادة فتكون من حيث دلالتها كدلالة الهيئة في الجمل الخبرية ، فكما ان الجمل الخبرية من حيث مدلولها لا تتصف بالصدق والكذب ، غايته حيث ان مدلولها وهو الاخبار والحكاية يكون من الأمور التعليقية ويكون له تعلق بالخارج يحتمل فيه الصدق والكذب ، ومدلول فعل الأمر والنهي لا تعلق له بالخارج أصلا ، وتكون نظير دلالة الكلمات المفردة مثل زيد على معناه ، فلا مجال فيها للاتصاف بالصدق والكذب أبدا كما في الألفاظ المفردة.
إذا عرفت هذا فنقول : ان الأسماء انما تدل على ذوات المعاني لا بشرط من حيث الوجود والعدم من غير فرق بين الجوامد والمشتقات والمصدر وغير المصدر ، مثلا : لفظ الإنسان يدل على الطبيعة الخاصة الغير المقيدة بالوجود والعدم القابلة للاتصاف بهما ، وهكذا لفظ قائم يدل على ذات مبهم إلّا من حيث انتساب المبدأ إليه ، ومثله لفظ ضرب الّذي هو مصدر معناه العرض الخاصّ بما انه صفة للغير ، فيصح ما يقال ان الاسم ما أنبأ عن المسمى.