الحكاية عن قصد الإنشاء ليحتمل فيها الصدق والكذب ، بل بابها باب الدلالة ، فأما ان تدل أو لا تدل ، لا باب الاخبار والحكاية ، وحيث ليس لمدلولها تعلق بما في الخارج فلا مجال لاحتمال الصدق والكذب فيها من تلك الجهة أيضا. وبالجملة ظهر ان حقيقة الإنشاء انما هو إبراز الاعتبار.
هذا معنى الجمل الإنشائية ، وأما الجمل الخبرية فمعناها قصد الحكاية ، والمعنيان متباينان ، وعليه فلا مجال لتوهم اتحادهما وكون الاختلاف فيهما من حيث الداعي أصلا ، بل لا مناص من كون اختلافهما بحسب المعنى الموضوع له.
هذا والحاصل : ان ما ذكروه من ان المعنى والمستعمل فيه في الجمل الخبرية التي تستعمل في مقام الإنشاء تارة ، وفي الاخبار أخرى كفعل المضارع والماضي إذا وقع جزاء الشرط واحد في كلا الاستعمالين وانما الاختلاف بينهما يكون من ناحية الداعي لا يمكننا المساعدة عليه.
فان الموضوع له للهيئات ليس ثبوت النسبة ونفيها ، وانما هو قصد الحكاية في الاخبار ونفس الاعتبار النفسانيّ في الإنشاء على ما عرفت تفصيله.
ومما يؤيد ذلك انه لو كان المستعمل فيه في الإنشاء والاخبار واحدا وكان الاختلاف من جهة الداعي لزم صحة إنشاء الطلب بالجمل الاسمية مثل زيد قائم أيضا ، إذ لا خصوصية لفعل الماضي والمضارع والظرف.
ومن الواضح ان ذاك الاستعمال من أفحش الأغلاط ، نعم يصح استعمال الجملة الاسمية في إنشاء الطلب فيما إذا كان الخبر ظرفا كما في قوله عليهالسلام «المؤمنون عند شروطهم» (١) ولو لم يكن ذلك من باب الكناية وأجنبيا عن المقام.
__________________
(١) وسائل الشيعة ـ ج ١٥ ـ ب ٢٠ من أبواب المهور ، حديث ٤.