أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)(١) فقد قيل : رمز وقيل : أشار (٢) ، وقيل : كتب. وحمل على هذه الوجوه أيضا قوله تعالى : (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً)(٣) ، وقوله : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ)(٤) فذلك بالوسواس المشار إليه بقوله : (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ)(٥) وبقوله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ للشّيطان لمّة» الحديث.
ويقال للكلمة الإلهيّة الّتى تلقى [إلى] أنبيائه وأوليائه وحى ، وذلك أضرب حسب ما دلّ عليه قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ)(٦) وذلك إمّا برسول مشاهد ترى ذاته ويسمع كلامه كتبليغ جبريل عليهالسلام للنبىّ صلىاللهعليهوسلم فى صورة معيّنة ، وإمّا بسماع كلام من غير معاينة كسماع موسى عليهالسلام كلام الله تعالى ، وإمّا بإلقاء فى الرّوع (٧) كما ذكر صلىاللهعليهوسلم : «إنّ روح القدس نفث فى روعى (٨)» وإمّا بإلهام نحو قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ)(٩) ، وإمّا بتسخير نحو قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ)(١٠) ، وإمّا بمنام كما قال صلىاللهعليهوسلم : «لم يبق من النبوّة إلّا المبشّرات (١١)». فالإلهام
__________________
(١) الآية ١١ سورة مريم.
(٢) فى ا والمفردات : اعتبار وهو تصحيف لما أثبتناه.
(٣) الآية ١١٢ سورة الأنعام.
(٤) الآية ١٢١ سورة الأنعام.
(٥) الآية ٤ سورة الناس.
(٦) الآية ٥١ سورة الشورى.
(٧) الروع (بالضم) : القلب أو النفس.
(٨) رواه أبو نعيم فى الحلية عن أبى أمامة (الفتح الكبير)
(٩) الآية ٧ سورة القصص.
(١٠) الآية ٦٨ سورة النحل.
(١١) فى المفردات : «انقطع الوحى وبقيت المبشرات رؤيا المؤمن». والحديث أخرجه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس كما فى الفتح الكبير وأول الحديث : «أيها الناس لم يبق من مبشرات النبوة ...».