حلفاء نسبوا إليها ، ونسي نسبهم ممّن انتسلوا منهم ، وموال دعوا بنسب العشيرة والتحقوا بها ، وكان هذا الدخيل وذلك اللصيق يشاركان في سرّاء القبيلة وضرّائها ، ويدافعان عن القبيلة كالأصيل ، والقبيلة تحتضنهما كما تحتضن أبناءها.
وبقيت الحالة في المجتمع الإسلامي كذلك إلى عصر الخلافة العباسية.
أمّا سياسة الخلافة ، فقد بقي الحكم قرشيا على عهد الخليفتين أبي بكر وعمر ، فلم يولّيا على الأجناد : الكوفة والبصرة والشام ومصر (١) من الانصار أحدا ، وكذلك لم يؤمّروهم على الجيوش الغازية. وفي هذا الصدد قال اليعقوبي عن خبر تجهيز أبي بكر الجيوش وتأميره الأمراء في تاريخه :
(لمّا عقد لخالد بن الوليد قام ثابت بن قيس بن الشمّاس فقال : يا معشر قريش! أما كان فينا رجل يصلح لما تصلحون له؟
أمّا والله ما نحن عميا عما نرى ، ولا صما عما نسمع ، ولكن أمرنا رسول الله (ص) بالصبر فنحن نصبر.
وقام حسان بن ثابت فقال :
يا للرجال لخلفة الأطوار |
|
ولما أراد القوم بالأنصار |
لم يدخلوا منا رئيسا واحدا |
|
يا صاح في نقض ولا إمرار) (٢) |
فعظم على أبي بكر هذا القول ، فجعل على الأنصار ثابت بن قيس ، وانفذ خالدا على المهاجرين ، وولى ـ أيضا ـ لقتال من تخلف عن بيعته ومنع الزكاة من أهل اليمن زياد بن لبيد البياضي من ذوي ارومتهم ، وقد ذكرنا خبره في آخر الجزء الثاني من عبد الله بن سبأ.
* * *
__________________
(١) في فجر الإسلام كان يقال للبلد الّذي فيه معسكر المسلمين : الجند.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٢٩ ـ ١٣٠.