إلّا للصلاة ، حتى أؤلف القرآن وأجمعه. فسكتوا عنه أياما ، فجمعه في ثوب واحد وختمه ، ثمّ خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله (ص) ، فنادى عليّ (ع) بأعلى صوته : أيّها الناس! إنّي لم أزل منذ قبض رسول الله (ص) مشغولا بغسله ، ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب الواحد ، فلم ينزل الله على رسول الله آية إلّا وقد جمعتها ، وليست منه آية إلّا وقد أقرأنيها رسول الله وعلمني تأويلها ، ثمّ قال لهم عليّ (ع) : لئلّا تقولوا غدا إنّا كنّا عن هذا غافلين ، ثمّ قال لهم عليّ (ع) : لا تقولوا يوم القيامة إنّي لم أدعكم إلى نصرتي ، ولم اذكّركم حقي ، ولم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته.
فقال له عمر : ما أغنانا بما معنا من القرآن ممّا تدعونا إليه ، ثمّ دخل عليّ (ع) بيته (١).
وانفرد اليعقوبي في تاريخه (٢ / ١٣٤) وجاء عن بعضهم انّه قال : (ان عليّ ابن أبي طالب كان جمعه ـ أي القرآن ـ لما قبض النبي (ص) وأتى به يحمله على جمل ، فقال : هذا القرآن قد جمعته وكان قد جزّأه سبعة أجزاء ، فالجزء الأوّل ...).
وقال الكلبي :
لمّا توفّي رسول الله (ص) قعد عليّ بن أبي طالب (ع) في بيته ، فجمعه على ترتيب نزوله. ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير (٢).
وقال عكرمة :
لو اجتمعت الانس والجن على أن يؤلّفوه كتأليف عليّ بن أبي طالب (ع) ما استطاعوا (٣).
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس الهلالي ، ص ١٨ ـ ١٩ ، وذكر ابن كثير موجز هذه الأخبار في (فضائل القرآن من ذيل تفسيره) ص ٢٨.
(٢) التسهيل لعلوم التنزيل ١ / ٤.
(٣) الإتقان للسيوطي ١ / ٥٩.