حلاله ، وحرّموا حرامه).
غير أنّ الخليفة الثاني كان أكثر صراحة في هذا الشأن من قول الخليفة الأوّل ، كما ذكرنا ذلك في بحث جمع القرآن.
هكذا كان الخليفة يمنع من إقراء القرآن كما كان على عهد الرسول (ص).
وكان الخليفة أحيانا يظهر عدم اهتمامه بتفسير القرآن ، ومن مصاديقه ما روى المفسّرون في تفسير سورة عبس واللفظ للسيوطي عن أنس :
(أنّ عمر قرأ على المنبر (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا* وَعِنَباً وَقَضْباً) ـ إلى قوله ـ (وَأَبًّا) ، قال : كلّ هذا عرفناه ، فما الأبّ؟ ثمّ رفع عصا كانت في يده فقال : هذا لعمر الله هو التكلف ، فما عليك ان لا تدري ما الأبّ ، اتبعوا ما بيّن لكم هداه من الكتاب فاعملوا به وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربّه) (١).
* * *
كان ذلكم في ما يخصّ نفسه ، وأمّا مع الآخرين ممّن يسأل عن تفسير القرآن ، فكان شأنه كالآتي خبره.
ونهى عن السؤال عن تفسير القرآن وضرب عليه ، كما روى السيوطي بتفسير (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) وقال : (إنّ رجلا سأل عمر عن قوله «وأبّا» فلمّا رآهم يقولون كذا أقبل عليهم بالدرة) ، والدرة سوط يضرب به ، وقد جلد عليه وأدمى وسجن ونفى كما نقرأ كل ذلك في الخبر الآتي.
__________________
(١) تفسير الطبري ٣٠ / ٣٨ ، وتفسير السورة في مستدرك الصحيحين وتلخيصه ٢ / ٥١٤ وقالا : صحيح على شرط الشيخين ، وتفسير الدرّ المنثور ٦ / ٣١٧ ، والإتقان ١ / ١١٥ ، وفتح الباري ١٧ / ٣٠. وتفسير ابن كثير ٤ / ٤٧٣.