وإن كان ذا كبيرة ، فلا يزاد على إخباره لانحباط العوض بمنافاته العقاب لما مر.
ويمكن أن يجعله الله [تعالى] تعجيل بعض عقوبة [في حقه] فلا يخبر ، كما فعل الله تعالى ببني إسرائيل حين سلط عليهم بخت نصر ، فقال تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) (١) ونحوها.
وإن كان غير مكلف فلمصلحة يعلمها الله تعالى كما مر تحقيقه للتخلية ، ولعدم أعواض الجاني كما مر.
المهدي عليهالسلام عن العدلية : لا بد من آلام يستحق بها (٢) العوض ، فيعطى المجني عليه منها.
لنا : ما مر من أنه لا عوض لصاحب الكبيرة.
قالوا : الذي من الله تفضل لا إنصاف.
قلنا : قد حصل الإنصاف بزيادة العذاب كالقصاص ، فإن تاب جاز أن يقضي الله عنه كما لا يعاقبه ، وجاز أن يقضي الله من أعواضه إن جعل له أعواضا ، أو من أحد نوعي الثواب ، وهو النعيم دون التعظيم.
جمهور المعتزلة : لا يجوز إلا من أعواضه كما لا يسقط الأرش بالعفو عن الجاني.
البلخي : لا يجوز إلا الأول (٣) كما لا يعاقبه.
قلت ـ وبالله التوفيق ـ لا مانع من تفضله بالقضاء كالمتفضل بقضاء الأرش ، وقد حصل الإنصاف ؛ لأنه من الجناية ، ولا موجب مع وجود ما يقضي.
__________________
(١) الإسراء : ٥.
(٢) أي : يستحق بها العاصي العوض.
(٣) الأول : هو أن يقضي الله عنه ؛ لأن التوبة صيرت الفعل كأن لم يكن.