بدليل قوله تعالى : (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) (١) [الآية].
قلنا : بل المراد دعوة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين أمر عليهم أسامة بن زيد (٢) ، فتخلفوا عنه ، فهو الداعي لهم ، ولا تنافي [إذ لم يخرجوا معه] والآية لم تمنع إلا من الخروج معه لا من الدعاء ، [هذا] إن سلمنا أن المعني بقوله : (سَتُدْعَوْنَ) هو المعني بقوله ـ : (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) أو من قبل إلى غطفان وهوازن يوم حنين كما هو مذهب بعض المفسرين ؛ لأن قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ) الآية نص في أن المراد بها متخلفو الأعراب فقط ، ولم يمنع قوله تعالى : (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) إلا طائفة يرجع صلىاللهعليهوآلهوسلم إليهم ، وهم متخلفو أهل المدينة ؛ لأن رجوعه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إلى [أهل] المدينة لا إلى الأعراب.
سلمنا (٣) أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يدع طائفة منهم ، لكنه قد دعا من عدا تلك الطائفة.
سائرهم (٤) : بل الإجماع (٥).
قلنا : دعوى الإجماع باطلة لاشتهار خلاف أمير المؤمنين كرم الله وجهه ، وأهل بيته عليهمالسلام ، وشيعتهم [رضي الله عنهم] سلفا يعقبهم خلف إلى الآن.
__________________
(١) الأنفال : ٨٣.
(٢) أسامة بن زيد : هو أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي الأمير ، حبّ رسول الله وابن حبه ، يكنى أبا محمد ، وأبا زيد ، مات سنة ٥٤ ه وهو ابن ٧٥ سنة بالمدينة.
(٣) م ط (وإن سلمنا).
(٤) أي : سائر من ذهب إلى إمامة أبي بكر وعمر وعثمان غير من تقدم ذكره.
(٥) قالوا : أما إمامة أبي بكر فأجمعت الأمة على بيعته يوم السقيفة بعد المنازعة ، فآل أمرهم إلى الوفاق ، وأما عمر فلما نص عليه أبو بكر لم ينازعه أحد ، وأما عثمان فلما جعلها عمر شورى بين الستة المعروفين ، ورضيت الأمة بفعله ، ثم تراضى الستة بتفويض عبد الرحمن بن عوف فيمن اختاره فرضي عثمان ، وتابعه البقية فكان إجماعا.