ثم لا يكون الأولى بترجيح دعواه لأنهما متنازعان ، كل يجر إلى نفسه ، مع أن الخبرين لا يكذب أحدهما الآخر ، لأن خبره متضمن عدم استحقاقها الإرث بزعمه ، وخبرها متضمن لعقد عقده لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حياته ، وإذا ثبت الحكم [من أبي بكر] لنفسه بلا مرجح كما تقرر ، فالعقل والشرع يقضيان ببطلانه.
وأيضا [نقول : إن] خبر علي والحسن ، والحسين عليهمالسلام ، وأم أيمن رضي الله عنها أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنحلها) دليل على ذلك لا [أنه] شهادة يجب تتميمها ، كسائر ما يروى [عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم] من الأخبار المثبتة للحقوق ، ولو لم يكن إلا خبره (أن الخليفة أولى بميراث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم) (٢) وإلا لزم مثل ذلك في كل خبر يثبت حقا لآدمي لم يتواتر [نقله] كحق الشفعة للجار ؛ لأن كل حق يثبت بالسنة لم يثبت لأحد ، معينا كان كفاطمة عليهاالسلام ، أو غير معين إلا بخبر [راو] واحد أو أكثر أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أثبته له به لا بالشهادة إجماعا بين الناس ، ولو لم يكن إلا خبر معاذ الذي قبله أبو بكر ، وذلك أنه قدم برقيق من هدايا اليمن ، فهمّ أبو بكر بأخذه عملا بقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (هدايا الأمراء غلول) (٣) فقال معاذ : طعمة أطعمنيها
__________________
(١) وقال الإمام الموفق بالله أبو عبد الله الحسن بن إسماعيل الحسني عليهالسلام في كتاب الإحاطة : وقيل : إنه شهد لفاطمة بالنحلة أبو سعيد الخدري ، وقال : أشهد أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطى فاطمة فدكا ، لما أنزل الله (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ).
(٢) قال في الشرح : ولعله أراد عليهالسلام بهذا الخبر ما رواه أبو بكر : (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) إلا أنه عليهالسلام حكاه بالمعنى ، أو ما رواه ابن بهران في تخريجه عن أبي الطفيل ، قال : جاءت فاطمة إلى أبي بكر تطلب ميراثها من أبيها ، فقال لها : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : (إن الله إذا أطعم نبيه طعمة فهو للذي يقوم من بعده) قال : أخرجه أبو داود.
(٣) في كتب الحديث (العمال) بدل الأمراء ، أخرجه البخاري في الجمعة ٨٧٢ ، ورقم ٦٤٦٤ ، ومسلم في الأمارة ٣٤١٣ ، وأبو داود في الخراج والأمارة والفيء ٢٥٥٧ ، والدارمي في الزكاة ١٦٠٩.