باب [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
ويجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إجماعا ، متى تكاملت شروطهما ، وهي التكليف والقدرة عليهما ، والعلم بكون ما أمر به معروفا ، وما نهى عنه منكرا ؛ لأنه إن لم يعلم ذلك لم يؤمن (١) أن يأمر بالمنكر ، وينهى عن المعروف ، وظن التأثير حيث كان المأمور والمنهي عارفين بأن المأمور به معروف ، والمنهي عنه منكر ، وإلا وجب التعريف ، وإن لم يظن التأثير لأن إبلاغ الشرائع واجب إجماعا.
والأصل في ذلك قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ) (٢) الآية ونحوها.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (من كتم علما مما ينفع الله به) الخبر (٣).
قلت ـ وبالله التوفيق ـ : ويجب أيضا أمر العارف بالمعروف ، ونهي العارف بالمنكر ، وإن لم يحصل الظن بالتأثير لقوله تعالى : (وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (٤) والمعذرة إلى الله تعالى لا تكون عما لا يجب ، وإنما يجب ذلك ريثما يتحول إلى المتمكن من الهجرة إليها ، لما يأتي إنشاء الله تعالى.
وتجويز ما يقع على الآمر والناهي بسببهما ، من نحو تشريد وانتهاب مال له غير مرخص له في الترك ، وفاقا لكثير من العلماء ، لقوله تعالى : (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (٥).
__________________
(١) في نسخة (لم يأمن).
(٢) البقرة ١٥٩.
(٣) تمامه (ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار).
(٤) الأعراف : ١٦٤.
(٥) لقمان : ١٧.