(لا هجرة بعد الفتح) (١). قلنا : المراد من مكة شرفها الله تعالى ؛ إذ صارت دار إسلام كالمدينة ، لا من ديار الكفر لما سيأتي إنشاء الله تعالى.
جمهور أئمتنا عليهمالسلام : وتجب من دار الفسق خلافا للإمام يحي عليهالسلام والفقهاء [الأربعة].
لنا : قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) (٢) ولم يفصل.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (لا تحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغير أو تنتقل).
وبيان الاستدلال به : أن التحريم لأجل العلم مع القرب منه بحيث يتمكن أن يرى المعصية ، وإلا لقال : حتى تغير أو تغمض.
ومن حمل على فعل المعصية وجبت عليه الهجرة إجماعا.
أئمتنا عليهمالسلام : ومنه إعانة سلاطين الجور [بالغارة] (٣) وتسليم المال إليهم قسرا لما مر قال المنصور بالله عليهالسلام في (المهذب في باب السيرة في أهل الفسق) ما لفظه : « ونحن لا نشك أن الضعفاء [هم] الذين لبّسوهم الحرير ، وركّبوهم الذكور ، وسقوهم الخمور ، فأي عون أعظم من هذا ».
وقال عليهالسلام في (باب الهجرة) ما لفظه : « لأن أشد المظاهرة وأعظمها تقويتهم بالخراج ، وكونهم مستضعفين فيما بينهم لا يخرجهم عن حكمهم ».
أئمتنا عليهمالسلام : ولا رخصة في ذلك إلا للمحاط به ، والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ؛ لقوله تعالى : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ) (١) الآية.
__________________
(١) البخاري في المناقب برقم ٣٦١١.
(٢) النساء : ٩٧. في الأصل (إلى قوله : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) فأثبتنا ما بين اللفظين
(٣) ما بين القوسين غير موجود في الشرح الصغير المخطوط.