لا واسطة إلا العدم (١) ولا الثاني ؛ إذ لا تأثير للعدم ، والأول إما قديم أو محدث ، أو لا قديم ولا محدث ليس الثالث ؛ إذ لا واسطة إلا العدم ولا تأثير له كما سبق ، ولا الثاني (٢) لأنه (٣) مؤثر في صفات الله تعالى بزعمهم (٤) فيلزم أن تكون صفات الله محدثة لحدوث مؤثرها ، وسيأتي بطلان ذلك ، مع أنهم لا يقولون بذلك وحاشاهم ، ولا الأول ؛ لأنه يلزم أن يكون قديم [آخر] مع الله ، تعالى الله عن ذلك ، وسيأتي (٥) بطلانه ، مع أنهم لا يقولون ذلك وحاشاهم.
وقد اصطلح على إثبات أمور لا تعقل غير ما تقدم ذكره ، وهي طبع الطبائعي ، وكسب الأشعري ، وطفر النظام (٦) ومزايا أبي الحسين البصري (٧) وعرض لا محل له
__________________
(١) م ط (إذ لا واسطة بين الوجود والعدم).
(٢) أي : المحدث.
(٣) أي : المقتضي.
(٤) أي : البهشمية.
(٥) م ط (وسيأتي في فصل الصفات بطلانه أيضا).
(٦) طفر النظام : هو كون الكائن في مكان بعد كونه في مكان آخر من دون قطع مسافة ، والطفر لغة : الوثب في الاستواء. والطمر : الوثب من أعلى إلى أسفل.
والنظام : هو إبراهيم بن سيار ، النظام ، البصري ، المعتزلي ، أبو إسحاق ، يقال : هو مولى. قال الإمام المهدي في شرح الملل والنحل : قيل : إنه كان لا يكتب ولا يقرأ ، وقد حفظ التوراة والإنجيل والزبور مع تفسيرها ، قال الجاحظ : ما رأيت أحدا أعلم بالفقه والكلام من النظام ، وهو من الطبقة السادسة من المعتزلة ، اه وسمي نظاما لأنه كان ينظم الكلام ، وقيل : كان ينظم الخرز ، توفي سنة بضع وعشرين ومائتين.
(٧) مزايا أبي الحسين : هو قوله : إن بعض صفات الله تعالى أحوال زائدة على ذاته ، ومزايا زائدة على ذاته ، لا هي الله ولا هي غيره ، وهي كونه عالما ، وكونه مدركا ، وأما سائر صفاته تعالى فلا يجعلونها مزايا.
وأبو الحسين البصري : هو محمد بن علي بن الطيب البصري ، في الطبقة الحادية عشرة من طبقات المعتزلة ، قال الإمام يحي : هو الرجل فيهم ، قال ابن خلكان : كان جيد الكلام ، مليح العبارة ، غزير المادة ، إمام وقته له التصانيف الفائقة ، منها : المعتمد في أصول الفقه ، نشره المعهد الفرنسي بدمشق ، ومنه أخذ الرازي كتاب المحصول. وـ له تصفح الأدلة مجلدان ، وغرر الأدلة في مجلد كبير ، وشرح الأصول ، وكتاب في الإمامة ،