ليس إحداث أحدهما الآخر بأولى من العكس ، ولما يلزم من حدوثه لمقارنته المحدث ابتداء ، فيحتاج إلى محدث ويتسلسل وهو محال.
غير محدث (٤) لما يلزم من التسلسل كما مر آنفا ، أو التحكم في الاقتصار على البعض كما تزعمه المفوضة (٥) ، وكل منهما معلوم البطلان.
قادرا (٦) ؛ لأن الفعل لا يصح إلا من قادر ضرورة.
حيا ؛ لأن الجماد لا قدرة له [ضرورة].
عالما ؛ لأنا وجدنا العالم محكما ، رصين الإحكام على اختلاف أصنافه وتباينها ، مميزا كل منها عن الآخر أكمل تمييز ، نحو إحكام خلق الإنسان وتمييزه بذلك عن نحو إحكام خلق الأنعام ، وذلك لا يكون إلا من عالم ضرورة ، وليس ذلك إلا الله سبحانه وتعالى.
وبذلك يعرف بطلان دعوى العلية ، والطبائعية ، والمنجمة ؛ إذ لا حياة للعلة والطبع لو تعقلا ، ولا للنجوم فضلا عن القدرة والعلم.
__________________
(١) م ط (لأن المعدوم لا تأثير له ضرورة) م خ (لأن العدم).
(٢) بكسر الدال وفتحها.
(٣) لو قال : (ولأنه) لكان أولى ؛ لأنه دليل آخر.
(٤) ش (ولا بد أن يكون محدث العالم قديما غير محدث) ص ٣٢٩.
(٥) المفوضة : فرقة من الرافضة زعموا أن الله سبحانه وتعالى يفوض إلى أحد من خلقه أن يخلق ويرزق ، كما فوض عندهم إلى نبيئنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهو عندهم خالق العالم ومن فيه ، ومنهم الباطنية فإنها تقول : إن الله ـ تعالى عن ذلك ـ علة صدر عنها السابق ، وعن السابق التالي ، قالوا : والسابق والتالي جوهران روحيان ، والتالي : هو المدبر في جميع العالم ، ومنهم المنجمة ، فقالت : إن الأفلاك السبعة أحياء ناطقة ، وإن الله تعالى فوض تدبير العالم السفلي إليها.
(٦) ما تحته خط وهي قوله : (موجودا) وما بعده معمولات خبر يكون ، والمعنى : ولا بد أن يكون المحدث للعالم موجودا ، قديما ، غير محدث ، قادرا ، حيا ، عالما.