قلنا : الأعمى والأصم حيان ، ولا يدركان المسموع والمبصر.
قالوا : إنما لم يدركا لمانع وهو الآفة.
قلنا : تلك الآفة هي سلب ذلك المعنى وإلا لزم أن لا يدرك المأيوف بغير سلبه كالأرمد ، وإن سلم لزم أن يرى الأعمى ، ويسمع الأصم بأي عضو من جسديهما لوجود الحياة في ذلك العضو ، وسلامته من الآفة.
قالوا : يلزم (٢) شيئان الأول : أن يوجد المعنى ويعدم المدرك ، ويدرك في حال عدمه لوجود المعنى.
والثاني : أن يعدم المعنى ويوجد المدرك ، ولا يدرك لعدم المعنى.
قلنا : لم جعلتم الأول لازما لنا؟ فيلزمكم أن يعدم المدرك ويدرك في حال عدمه لوجود الحياة ، والسلامة من الآفة [إذ لا فرق] ولا نلتزمه لعدم تعلقه بالمدرك في حال عدمه.
و [أما] الثاني فملتزم لا يقدح ، نحو وجود المدرك عند الأعمى والأصم [وعدم إدراكهما] لعدم المعنى ، وأنتم إذ جعلتموه قادحا فيلزمكم أن يدرك لوجوده في حال عدم الحياة [إذ لا فرق] فالجماد عندكم سميع بصير.
قالوا (٣) : [قد] وجدنا الفرق بين العلم والإدراك بالسمع والبصر ، كلو فتح أحدنا عينه وأمامه شيء مرئي ثم غمض (٤) ، وأجلى الأمور ما وجدنا (٥) من النفس (١).
__________________
(١) شاهدا وغائبا ، وذهب إليه الإمام يحي في الشامل ، وزاد أصحاب أبي هاشم ـ بشرط عدم الآفة.
(٢) أي : من القول بأن الإدراك في اللغة بمعنى في العين ، أو في الصماخين ، أو في غيرهما.
(٣) قالوا : لو كان الإدراك في حق الله سبحانه بمعنى العلم لما وجدنا الفرق بين إدراك الشيء والعلم به ، وقد وجدنا الفرق.
(٤) في ش ١ / ٣٩٦ (فلو فتح أحدنا عينه فإنه يراه ، ثم إذا غمض عينه لم يره) مع أنه يعلمه ، فعلمه به حين يغمض عينيه مغاير لإدراكه حين فتح الحدقة ، فثبت الفرق بين العلم والإدراك.
(٥) م ط (ما وجد من النفس).