الأولى بقوله : (بِيَدَيَ) لتشاكل كلمة اليد المقدرة ، الخاطرة بذهن المخاطب عند سماعه لقوله تعالى : (خَلَقْتُ) لما كان المخاطب لم يشاهد مزاولة صنع إلا باليدين ونظيره (صِبْغَةَ اللهِ) كما مر.
وعبر عزوجل عن نعمته في الثانية بكلمة اليدين لتشاكل كلمة اليد فيما حكاه الله تعالى عن اليهود حيث قالوا : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا) (١) ونظيره : (قلت اطبخوا لي جبة وقميصا) (٢).
وقوله تعالى : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) كالأول ، عبر عن حفظه تعالى للسفينة بقوله : (بِأَعْيُنِنا) مشاكلة لكلمة العين المقدرة الخاطرة بذهن السامع لما كان لا يتم حفظ مثلها لأحد في الشاهد إلا بمتابعة إبصارها بالعين.
وقوله تعالى : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) كالثاني.
وقوله تعالى حاكيا : (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (٣) من المجاز أيضا (٤) لأن الجنب هنا عبارة عن الطاعة ، والعلاقة تسمية الحال باسم محله ، والمحل غير الله تعالى ؛ لأن ذلك تعبير عن الطاعة بكلمة الجنب ، الذي هو الجهة الحاصلة تلك الطاعة منها ؛ لأن الجنب يطلق على الجهة ، قال الشاعر (٥) :
__________________
(١) المائدة : ٦٤.
(٢) م خ زيادة (في البيت).
(٣) الزمر : ٥٦.
(٤) ش خ (من المجاز أيضا وكلاهما لا يجوزان).
(٥) الشاعر : هو النابغة الذبياني ، يصف قرن ثور الوحش ، خارجا من جنب صفحة كلب الصيد حين أرسله على الثور فنطحه ، كأنه أي : القرن (خارجا من جنب صفحته) أي : من جنب الكلب ، والصفحة : الجنب ، أي : من جهة صفحة الكلب (سفود شرب نسوه عند مقتاد) السفود بالتشديد وفتح السين : الحديدة التي يشوى بها اللحم ، والشرب : بفتح الشين الجماعة من الناس يجتمعون على الشراب ، وهو جمع شارب ، مثل صاحب وصحب ، والمقتاد : التنور ، والموضع الذي يشوى فيه اللحم.