(وَشَرَوْهُ) باعوه منهم (بِثَمَنٍ بَخْسٍ) ناقص (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) عشرين أو اثنين وعشرين (وَكانُوا) أي إخوته (فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) (٢٠) فجاءت به السيارة إلى مصر فباعه الذي اشتراه بعشرين دينارا وزوجي نعل وثوبين (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ) وهو قطفير العزيز (لِامْرَأَتِهِ) زليخا (أَكْرِمِي مَثْواهُ) مقامه عندنا (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) وكان حصورا (وَكَذلِكَ) كما نجيناه من القتل والجب وعطفنا عليه قلب العزيز (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) أرض مصر حتى بلغ ما بلغ (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) تعبير الرؤيا عطف على مقدر متعلق بمكنا أي لنملكه أو الواو زائدة (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) تعالى لا يعجزه شيء (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) وهم الكفار
____________________________________
شأن إخوة يوسف ، والمعنى لا تخض أيها السامع في شأنهم بسوء ، فإن الله عليم بما يعملون. قوله : (باعوه) أي إخوته ، وقوله : (منهم) أي السيارة ، والمعنى باعه إخوته للسيارة ، أي لبعضهم وهو مالك بن ذعر الخزاعي. قوله : (ناقص) أي عن قيمته لو كان رقيقا ، وقيل إن البخس معناه الحرام ، لأنه ثمن حر وهو حرام.
قوله : (مَعْدُودَةٍ) أشار بذلك إلى أنها قليلة ، لأنهم كانوا لا يزنون ما قل عن أربعين درهما ، ويأخذونها عدا ، ويزنون ما بلغها وهو أوقية. قوله : (أي إخوته) ويصح أن يعود الضمير على السيارة ، وإنما زهدوا فيه لخوفهم منه ، حيث وصف لهم بالإباق. قوله : (الذي اشتراه) أي وهو مالك بن ذعر الخزاعي. قوله : (بعشرين دينارا) إلخ ، وقيل لما عرض للبيع ، ترافع الناس في ثمنه حتى أبلغ وزنه ذهبا ، وقيل فضة ، وقيل مسكا ، وقيل حريرا ، وكان وزنه أربعمائة رطل. قوله : (وهو قطفير العزيز) أي وكان وزيرا للريان ملك مصر ، وقد آمن بيوسف ومات في حياته ، وقد اشتراه العزيز وهو ابن سبع عشرة سنة ، ومكث يوسف في منزله ثلاث عشرة سنة ، واستوزره الريان وهو ابن ثلاثين سنة ، وآتاه الله الحكمة والعلم وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة. قوله : (زليخا) بفتح الزاي وكسر اللام والمد ، أو بضم الزاي وفتح اللام.
قوله : (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) أي يكفينا بعض أمورنا إذا قوي وبلغ ، أو يربح إذا أردنا بيعه. قوله : (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) أي نتبناه ، وأو مانعة خلو تجوز الجمع ، وهو المقصود لهما. قوله : (وكان حصورا) أي لا يأتي النساء أو عقيما.
قوله : (وَكَذلِكَ) إلى قوله : (نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) معترض بين وصية العزيز ، وما وقع من زوجته. قوله : (من القتل) أي الذي عزم عليه إخوته ، وقوله : (والجب) أي الذي رموه فيه. قوله : (وعطفنا عليه قبل العزيز) أي خلقنا فيه الميل والمحبة ، حيث دفع فيه المال الكثير ، وأوصى زوجته عليه. قوله : (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ) أي أعطيناه مكانة ورتبة عالية في الأرض. قوله : (حتى بلغ ما بلغ) أي من السلطنة والعز. قوله : (لنملكه) إما من الملك بكسر الميم ، أي نجعله مالكا لما فيها ، أو من الملك بضمها ، أي نجعله سلطانا على أهلها. قوله : (والواو زائدة) أي والمعنى : مكنا ليوسف في الأرض لنعلمه إلخ. قوله : (لا يعجزه شيء) أي لأنه يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد ، فلا راد لما قضاه.