وتغريم مثلي المسروق لا الاسترقاق (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) أخذه بحكم أبيه أي لم يتمكن من أخذه إلا بمشيئة الله بإلهامه سؤال إخوته وجوابهم بسنتهم (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) بالإضافة والتنوين في العلم كيوسف (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ) من المخلوقين (عَلِيمٌ) (٧٦) أعلم منه حتى ينتهي إلى الله تعالى (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) أي يوسف وكان سرق لأبي أمه صنما من ذهب فكسره لئلا يعبده (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها) يظهرها (لَهُمْ) والضمير للكلمة التي في قوله (قالَ) في نفسه (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً) من يوسف وأخيه لسرقتكم أخاكم من أبيكم وظلمكم له
____________________________________
إلى أخذ أخيه. قوله : (مثلي المسروق) أي مثلي قيمته.
قوله : (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) استثناء منقطع ، والمعنى ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ، ولكن أخذ بشريعة يعقوب ، لمشيئة الله لأخذه ، إذ لو شاء عدم أخذه لما علمه تلك الحيلة قوله : (بحكم أبيه) أي شريعته. قوله : (بالإضافة والتنوين) أي فهما قراءتان سبعيتان قوله : (وَفَوْقَ) خبر مقدم ، و (عَلِيمٌ) مبتدأ مؤخر ، والمعنى أن إخوة يوسف وإن كانوا علماء ، إلا أن الله جعل يوسف فوقهم في العلم ، بل فضله عليهم بمزايا عظيمة منها : الرسالة والملك والإنعام عليهم وغير ذلك.
قوله : (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ) إلخ ، سبب هذه المقالة ، أنه لما خرج الصاع من رحل بنيامين ، افتضح الإخوة ونكسوا رؤوسهم ، فقالوا تبرئة لساحتهم (إِنْ يَسْرِقْ) الخ ، وأتوا بإن المفيدة للشك ، لأنه ليس عندهم تحقق سرقته ، بمجرد إخراج الصاع من رحله ، وبالمضارع لحكاية الحال الماضية. قوله : (وكان سرق لأبي أمه صنما) إلخ ، هذا أحد أقوال في السرقة التي نسبوها له ، وقيل جاءه سائل يوما فأخذ بيضة من البيت فناولها للسائل ، وقيل أخذ دجاجة من الطير التي كانت في بيت يعقوب فأعطاها سائلا ، وقيل كان يخبىء الطعام من المائدة للفقراء ، وقيل لم يسرق أصلا لا ظاهرا ولا باطنا ، وإنما كانت تهمة فقط ، وذلك أن عمته حضنته بعد موت أمه ، فأحبته حبا شديدا ، فلما ترعرع وقعت محبة يعقوب عليه فأحبه ، فقال لأخته : يا أختاه سلمي إلي يوسف ، فو الله ما أقدر أن يغيب عني ساعة واحدة ، فقالت : لا أعطيكه ، فقال : والله ما أنا بتاركه عندك ، فقالت : دعه عندي أياما أنظر إليه ، لعل ذلك يسليني عنه ، ففعل ذلك ، فعمدت إلى منطقة كانت لإسحاق ، وكانوا يتوارثونها بالكبر ، وكانت أكبر أولاد إسحاق ، وكانت عندها ، فشدت المنطقة على وسط يوسف تحت ثيابه وهو صغير ثم قالت : لقد فقدت منطقة إسحاق ، ففتشوا أهل البيت فوجودها مع يوسف ، فقال يعقوب : إن كان فعل ذلك فهو سلم لك فأمسكته عندها حتى ماتت. قوله : (لئلا يعبده) أي يدوم على عبادته. قوله : (والضمير للكلمة) إلخ. أي فهو عائد على متأخر لفظا ورتبة ، وحينئذ يكون في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير قال أنتم شر مكانا وأسرها في نفسه ، وهذا أحد قولين ، وقيل إنه عائد على قوله : (فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ). قوله : (فَأَسَرَّها) لم يرد لها جوابا.
قوله : (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً) أي منزلة ، والمعنى أن ما ظهرتم به شر مما يظهر به يوسف وأخوه ، فإنهما اتهما بالسرقة ظاهرا ، وأنتم سرقتم يوسف من أبيه وفعلتم به ما فعلتم. قوله : (لسرقتكم أخاكم من