أحدها : كون العلم التفصيلي في كل من أطراف الشبهة موضوعا للحكم ، بأن يقال : الواجب الاجتناب عمّا علم كونه بالخصوص بولا ، فالمشتبهان طاهران في الواقع ، وكذا المانع للصلاة الحدث المعلوم صدوره تفصيلا من مكلّف خاص ، فالمأموم والإمام متطهران في الواقع.
ثانيها : إن الحكم الظاهري في حقّ كل أحد نافذ واقعا في حقّ الآخر ، بأن يقال : إن من كانت صلاته بحسب الظاهر صحيحة عند نفسه ، فللآخر أن يرتّب عليها آثار الصحة الواقعية فيجوز له الائتمام ، وكذا من حلّ له أخذ الدار ممّن وصل إليه نصفه إذا لم يعلم كذبه
____________________________________
الآخر في مورد واحد ، كما هو مقتضى قضية مانعة الخلوّ.
وقبل بيان هذه الامور اجمالا وتفصيلا نقول : إن الغرض المقصود من ذكر هذه الامور هو دفع الإشكال عمّن أفتى بما يستلزم جواز المخالفة للعلم التفصيلي في الموارد المتقدمة مع أن مخالفة العلم التفصيلي الطريقي غير معقول ، إذ حجّية القطع الطريقي ذاتية كما تقدّم ، فيدور الأمر بين عدم صحة الحكم والفتوى في الموارد المذكورة ، وبين توجيه الموارد المذكورة بإبداء احتمال لا ينافي صحة حكمهم بما ذكر في هذه الموارد ، فنذكر الامور اجمالا قبل بيانها تفصيلا حتى يتضح تطبيقها في الموارد المذكورة فنقول :
أحدها : إن العلم في هذه الموارد قد اخذ في موضوع الحكم الشرعي.
ثانيها : نلتزم بنفوذ الحكم الظاهري في حقّ كل واحد عن الحكم الواقعي في حقّ الآخر.
ثالثها : هو الالتزام بتقييد الحكم بالجواز أو الصحة في كل مورد بما لم يؤدّ إلى مخالفة العلم التفصيلي ، وتفصيل هذه الامور أن :
الأمر الأول ـ كما تقدم إجمالا ـ : هو كون العلم التفصيلي قد أخذ موضوعا للحكم الشرعي ، وهو في الشبهة المحصورة لم يكن معلوما بالعلم التفصيلي ، فلا يجب الاجتناب عن المشتبه بالميتة أو المشتبه بالنجس ، لأن المكلّف لا يعلم تفصيلا فيجوز له ارتكاب كلا المشتبهين دفعة أو تدريجا ، فالمشتبهان بالبول طاهران في الواقع والمشتبهان بالميتة حلالان في الواقع ، ثم يجوز بيعهما وجعلهما دفعة أو تدريجا ثمنا للجارية.
وهكذا يجري هذا الجواب في المورد الثالث ـ أيضا ـ كما جرى في المورد الثاني من