ولا يخفى أن استفادة الحكم المذكور من ظاهر الآية الشريفة ممّا لا يظهر إلّا للمتأمّل المدقّق ، نظرا إلى أن الآية الشريفة إنّما تدلّ على نفي وجوب الحرج ، أعني : المسح على نفس الإصبع ، فيدور الأمر في بادي النظر بين سقوط المسح رأسا وبين بقائه ، مع سقوط قيد مباشرة الماسح للممسوح ، فهو بظاهره لا يدل على ما حكم به الإمام عليهالسلام ، لكن يعلم عند التأمّل أن الموجب للحرج هو اعتبار المباشرة في المسح ، فهو الساقط دون أصل المسح ، فيصير نفي الحرج دليلا على سقوط اعتبار المباشرة في المسح ، فيمسح على الإصبع المغطّى.
فإذا أحال الامام عليهالسلام استفادة مثل هذا الحكم إلى الكتاب ، فكيف يحتاج نفي وجوب الغسل أو الوضوء ـ عند الحرج الشديد المستفاد من ظاهر الآية المذكورة ، أو غير ذلك من الأحكام التي يعرفها كلّ عارف باللسان من ظاهر القرآن ـ إلى ورود التفسير بذلك من أهل البيت :؟!
ومن ذلك ما ورد من : (إنّ المصلّي أربعا في السفر إن قرئت عليه آية القصر وجب عليه الإعادة ، والّا فلا) وفي بعض الروايات : (إن قرئت عليه وفسّرت له) (١).
____________________________________
امسح عليه) يعني : كل حكم يكون حرجيا يعرف نفيه من كتاب الله من آية نفي الحرج في الدين وقول الإمام عليهالسلام : هذا وشبهه يعرف من كتاب الله ، اشارة إلى حجّية ظاهر القرآن.
فالمنفي بالحرج المستفاد من الكتاب في المقام هو وجوب المسح على البشرة لأنّ فيه حرجا ، لا أصل المسح لعدم الحرج فيه ، فيجب المسح على المرارة ، فالحكم المنفي أي : عدم وجوب المسح على البشرة مستفاد من آية نفي الحرج ، والحكم المثبت وهو وجوب المسح على الإصبع المغطّى بالمرارة مستفاد من قوله عليهالسلام : امسح عليه.
ثم النتيجة بعد التأمّل هي وجوب المسح على المرارة لأنّ مقتضى التأمّل هو نفي اعتبار مباشرة الماسح للممسوح في المسح فيبقى أصل المسح لعدم كونه حرجيا على كونه واجبا.
(ومن ذلك) أي : من الأخبار الدالّة على حجّية ظواهر القرآن (ما ورد من أنّ المصلي أربعا في السفر إن قرئت عليه آية القصر وجب عليه الإعادة) فالمستفاد من هذا الخبر هو
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٧٨ / ١٢٦٦. الوسائل ٨ : ٥٠٦ ، أبواب صلاة المسافر ، ب ١٧ ، ح ٢.