الثالث : قطع القطّاع
قد اشتهر في ألسنة المعاصرين أنّ قطع القطّاع لا اعتبار به.
ولعلّ الأصل في ذلك ما صرّح به كاشف الغطاء قدسسره بعد الحكم بأنّ كثير الشكّ لا اعتبار بشكّه ، قال : «وكذا من خرج عن العادة في قطعه أو في ظنّه ، فيلغو اعتبارهما في حقّه» انتهى.
أقول : أمّا عدم اعتبار ظنّ من خرج عن العادة في ظنّه ، فلأنّ أدلّة اعتبار الظنّ في مقام يعتبر فيه مختصّة بالظنّ الحاصل من الأسباب التي يتعارف حصول الظنّ منها لمتعارف
____________________________________
(الثالث : قد اشتهر في ألسنة المعاصرين أنّ قطع القطّاع لا اعتبار به).
وقبل البحث لا بدّ من تحرير محل النزاع ، وتعيين ما هو المراد من القطّاع ، فنقول : إنّ للقطّاع معنيين :
أحدهما : هو المعنى المبالغي ، لأنّ القطّاع صيغة مبالغة كضرّاب مثلا ، فيكون بمعنى كثير القطع ، كما تقتضيه صيغة المبالغة.
ثانيهما : هو بمعنى سريع القطع ، يعني : من يحصل له القطع من الأسباب غير المتعارفة ، وكلمة القطّاع وإن كانت ظاهرة في المعنى الأول ، ولكن المراد منه في المقام هو المعنى الثاني بقرينة قوله : «وكذا من خرج عن العادة في قطعه» ، لأن المناط في الخروج عن متعارف الناس هو من يحصل له القطع من الأسباب التي لا يحصل منها القطع لمتعارف الناس ، فيصدق على هذا الشخص بأنّه خرج عن عادة الناس في قطعه.
فالحاصل أن المراد من القطّاع من يحصل له القطع من الأسباب غير المتعارفة.
(ولعلّ الأصل في ذلك) أي : الأصل الناشئ منه.
البحث حول قطع القطّاع هو (ما صرح به كاشف الغطاء قدسسره) وتبعه جماعة منهم صاحب الفصول وصاحب الجواهر.
وما صرّح به قدسسره (بعد الحكم بأن كثير الشكّ لا اعتبار بشكّه ، قال : وكذا من خرج عن العادة في قطعه أو ظنّه).
ثم ما ذكره قدسسره من عدم اعتبار شك كثير الشك صحيح ، ويكون على القاعدة لأنّ المتبادر من الشك الذي ثبت له الأحكام كصلاة الاحتياط والبناء على الأكثر وغيرهما