الثالث : أن يلتزم بتقييد الأحكام المذكورة بما إذا لم يفض إلى العلم التفصيلي بالمخالفة والمنع ممّا يستلزم المخالفة المعلومة تفصيلا ، كمسألة اختلاف الامة على قولين ، وحمل أخذ المبيع في مسألتي التحالف على كونه تقاصّا شرعيا قهريا عمّا يدعيه من الثمن أو انفساخ البيع بالتحالف من أصله أو من حينه ، وكون أخذ نصف الدرهم مصالحة قهرية.
____________________________________
النصفين منهما يملكهما فيجوز له أن يبيعهما بثمن واحد.
وكذا مسألتي الاختلاف في الثمن أو المثمن ، ومسألة الاختلاف في كون التمليك هبة أو بعوض ، فبعد التحالف في الجميع يكون كل واحد مالكا لما رجع إليه ظاهرا أو واقعا على احتمال في بعض ، فيجوز لكل واحد بيع ما رجع إليه لكونه مالكا له.
الأمر الثالث : أن يلتزم بتقييد الأحكام المذكورة بما إذا لم يؤدّ إلى العلم التفصيلي بالمخالفة ، والمنع ممّا يستلزم المخالفة المعلومة تفصيلا ، ففي مسألة اختلاف الامة على قولين لا يجوز الرجوع إلى أصل يكون مخالفا للقولين ، بل يجب الاحتياط إن كان ممكنا ، أو التوقف إن لم يكن ممكنا ، فيكون المراد من طرح القولين والرجوع إلى الأصل هو الأصل الموافق لأحدهما.
ثم إن المصنّف رحمهالله يشير إلى جواب آخر غير ما تقدم من الجواب بالأمر الثاني فيقول : (وحمل أخذ المبيع في مسألتي التحالف على كونه تقاصّا شرعيا قهريا عمّا يدعيه من الثمن).
يعني : عمّا يدعيه البائع من الثمن في اختلاف الثمن ، كان أولى أن يقول المصنف رحمهالله : أو عمّا يدعيه من المثمن يعني : حمل أخذ الثمن على كونه تقاصّا شرعيا عمّا يدّعيه المشتري من المثمن.
(أو انفساخ البيع بالتحالف من أصله) أي : من الأول ، (أو من حينه) أي : حين التحالف ، فيرجع كل إلى مالكه الأول.
وتظهر الثمرة بين انفساخ البيع من الأول وبينه من حين التحالف في النماء الحاصل بعد البيع ، فالنماء للمالك الأول على الأول وللثاني على الثاني ، وأخذ نصف الدرهم مصالحة قهرية ، بمعنى أن الدرهم وإن كان في الواقع ملكا لأحدهما الّا أن الشرع جعل نصفه للآخر من باب الصلح ورفع النزاع ، وكذا أخذ نصف الدار في حكم الحاكم بتنصيف العين يكون من باب المصالحة القهرية.