العمل على طبق مؤدّى الأمارة إلى تصويب الباطل ، نظرا إلى خلوّ الحكم الواقعي حينئذ عن المصلحة الملزمة التي تكون في فوتها المفسدة».
ففيه : منع كون هذا تصويبا ، كيف ، والمصوّبة يمنعون حكم الله في الواقع؟ فلا يعقل عندهم ايجاب العمل بما جعل طريقا اليه والتعبّد بترتيب آثاره في الظاهر ، بل التحقيق عدّ مثل هذا من وجوه الردّ على المصوّبة ، وأما ما ذكر من : «أنّ الحكم الواقعي إذا كان مفسدة مخالفته متداركة بمصلحة العمل على طبق الأمارة ، فلو بقي في الواقع كان حكما بلا صفة ، والّا ثبت انتفاء الحكم في الواقع.
____________________________________
التصويب عن الوجه الثالث ، بل يرجع إلى التصويب ؛ إذ الحكم الواقعي بعد تدارك مصلحته بالمصلحة السلوكية ينتفي بانتفاء ملاكه ، وإلّا يلزم الحكم من دون صفة تقتضيه ، وهو باطل عند العدلية ، فحينئذ يرجع الوجه الثالث إلى التصويب.
(ففيه : منع كون هذا تصويبا).
وملخّص ما ذكره المصنّف رحمهالله من منع رجوع الوجه الثالث إلى التصويب : أنّ التصويب هو خلوّ الواقع من الحكم قبل قيام الأمارة ، فلا يعقل إيجاب العمل بما جعل طريقا إلى الواقع ، فجعل الأمارة طريقا إليه بإيجاب العمل على طبقها يكون أقوى دليل على وجود واقع قبل قيامها ، فيكون هذا ردّا على المصوّبة ، إذ لو لم يكن هناك واقع مشترك لم يكن معنى لجعل الأمارة طريقا اليه ، ولا يعقل جعلها طريقا على القول بالتصويب ، لأنّه مستلزم للدور ، وذلك لأنّ ثبوت الحكم في الواقع موقوف على الأمارة والأمارة من حيث كونها طريقا إلى الواقع موقوفة على الواقع ، وهذا دور واضح والدور باطل ، فجعل الأمارة طريقا يكون باطلا على القول بالتصويب.
ولذا يقول المصنّف رحمهالله : (بل التحقيق عدّ مثل هذا من وجوه الردّ على المصوّبة) يعني : إيجاب العمل بما جعل طريقا إلى الواقع يكون من وجوه الردّ عليهم.
(وأمّا ما ذكر من : «أن الحكم الواقعي إذا كان مفسدة مخالفته متداركة بمصلحة العمل على طبق الأمارة ، فلو بقي في الواقع كان حكما بلا صفة ، والّا ثبت انتفاء الحكم في الواقع).
يعني : هذا من المصنّف بيان للإشكال الآخر.
وملخّصه : أنّ الحكم الواقعي بعد تدارك مفسدة مخالفته بالمصلحة السلوكية لا يخلو