ـ كما في العامّين من وجه وشبههما ـ وجب التوقّف فيه ولو بعد الفحص.
قلت : هذه شبهة ربّما تورد على من استدل على وجوب الفحص عن المخصّص في العمومات بثبوت العلم الإجمالي بوجود المخصّصات ، فإنّ العلم الإجمالي ؛ إمّا أن يبقى أثره ولو بعد العلم التفصيلي بوجود عدّة مخصّصات ، وإمّا أن لا يبقى ، فإن بقي فلا يرتفع بالفحص ، والّا فلا مقتضي للفحص.
____________________________________
(وشبههما) من موارد تعارض الظاهرين كقول الشارع مثلا : اغتسل للجمعة ، الظاهر في الوجوب ، ثم قال ثانيا : ينبغي لك غسل الجمعة ، الظاهر في الاستحباب فنعلم إجمالا أنّ أحد الظاهرين لم يكن مرادا ، فوجب علينا التوقّف ما دام العلم الإجمالي باقيا ولو بعد الفحص ؛ لأنّ وجوب التوقّف المسبّب عن العلم الإجمالي لا يرتفع ما دام العلم الإجمالي باقيا لامتناع ارتفاع المعلول مع بقاء العلّة.
(قلت : هذه شبهة ربّما تورد على من استدل على وجوب الفحص عن المخصّص في العمومات بثبوت العلم الإجمالي بوجود المخصّصات).
يقول المصنّف رحمهالله : هذه الشبهة قد اوردت على من استدل على وجوب الفحص عن المخصّص من جهة العلم الإجمالي بوجود المخصّصات ، فيرد عليه هذا الإشكال.
فيقال : إنّ العلم بوجود المخصّصات لا يرتفع بالفحص ، فلا يصحّ القول بوجوب التوقّف قبل الفحص لا بعده ، بل يجب التوقّف مطلقا ـ أي : قبل الفحص ، وبعده ـ لأنّ العلم باق على كل حال ـ أي : قبل الفحص ، وبعده ـ فيجب أن يبقى أثره ـ أيضا ـ وهو وجوب التوقّف (ولو بعد العلم التفصيلي بوجود عدّة مخصّصات) بأن يكون مقدار المعلوم بالإجمال مثلا مائة وحصل بالفحص خمسون.
وإن قلنا : بأنه لا يبقى أثر العلم الإجمالي ، وهو وجوب التوقّف بعد الفحص ، لكان معناه عدم مقتضي للفحص من الأول ، فالأمر يدور بين عدم وجوب الفحص والتوقّف أصلا وبين وجوبهما ما دام العلم الإجمالي باقيا ولو بعد الفحص لأنّ الموجب لوجوب التوقّف هو العلم الإجمالي ، فلا يرتفع الّا بارتفاع العلم الإجمالي بانحلاله إلى العلم التفصيلي ، فالقول بوجوب التوقّف قبل الفحص ، وعدمه بعده باطل جدا. هذا غاية ما يمكن في تقريب الشبهة.