والحاصل أنّه لا ينبغي الإشكال في أنّ الإخبار عن حدس واجتهاد ونظر ليس حجّة إلّا على من وجب عليه تقليد المخبر في الأحكام الشرعيّة ، وأنّ الآية ليست عامّة لكل خبر ، ودعوى خرج ما خرج.
فإن قلت : فعلى هذا إذا أخبر الفاسق بخبر يعلم بعدم تعمّده للكذب فيه تقبل شهادته فيه ، لأنّ احتمال تعمّده للكذب منتف بالفرض ، واحتمال غفلته وخطئه منفيّ بالأصل المجمع
____________________________________
لا بدّ ـ أولا ـ من بيان التعليل المذكور في الرياض ، ثم بيان وجه النظر فيه.
أما بيان التعليل فهو : إنّ الإخبار عن موضوع من الموضوعات المسمّى في لسان الأدلّة بالشهادة يجب أن يكون عن حسّ ، والّا لم يكن حجّة ؛ إذ الشهادة تكون بمعنى الحضور ، فالحسّ مأخوذ في مفهوم الشهادة ، فإذا كانت عن حسّ كانت حجّة لتحقّقها ، وإلّا فلا لعدم تحقّقها ، فعدم الحجّية ـ فيما إذا لم تكن عن حسّ ـ يكون بانتفاء الموضوع ، بمعنى أنّه لا يصدق عليها مفهوم الشهادة حتى تكون حجّة.
وأما وجه النظر ، فهو : إنّ الحضور بمعنى الاحساس لم يكن معتبرا في صدق الشهادة ، وذلك لكثرة اطلاقها واستعمالها في غير الحسّيات ، كالشهادة على التوحيد والنبوّة وغيرهما ، فالوجه في عدم اعتبار الشهادة ما تقدم قبل تعليل الرياض ، لا ما ذكره في الرياض.
(والحاصل أنّه لا ينبغي الإشكال في أنّ الإخبار عن حدس واجتهاد ... إلى آخره) ، لا ينبغي الإشكال في عدم حجّية الإخبار عن حدس مطلقا ، كفتوى المجتهد والشهادة الحدسية ونقل الإجماع ؛ لأنّ أدلّة حجّية خبر العادل تدل على نفي احتمال الكذب لا على نفي الخطأ في الحدس (إلّا على من وجب عليه تقليد المخبر في الأحكام الشرعية) ، فتكون فتوى الفقيه على المقلّد حجّة بأدلة وجوب التقليد على العوام (وأنّ الآية ليست عامّة لكل خبر ، ودعوى خرج ما خرج) ، ولا يصح أن يقال : إنّ الآية عامة ، قد دلّت على حجّية خبر العادل مطلقا ، سواء في الحسّيات أو الحدسيات ، ثم يدّعى بأن الأخبار الحدسية خرجت عنها بدليل خارجي.
(فإن قلت : فعلى هذا إذا أخبر الفاسق بخبر يعلم بعدم تعمّده للكذب فيه تقبل شهادته فيه ... إلى آخره) ، وحاصل الإشكال ، أنّه إذا كانت دلالة الآية على حجّية خبر العادل من