فليس المقصود من عرض ما يرد من الحديث على الكتاب والسنّة إلّا عرض ما كان منها غير معلوم الصدور عنهم ، وإنّه إن وجد له قرينة وشاهد معتمد فهو ، وإلّا فليتوقّف فيه ، لعدم إفادته العلم بنفسه وعدم اعتضاده بقرينة معتبرة.
ثمّ إنّ عدم ذكر الإجماع ودليل العقل من جملة قرائن الخبر في هذه الروايات ، كما فعله
____________________________________
إذا عرفت هذين الأمرين يتضح لك أنّ الغرض من هذه الأخبار المعروفة بأخبار العرض على الكتاب هو تمييز الأخبار المجعولة الشبيهة بأخبار الأئمة عليهمالسلام من بين الأخبار التي لم يعلم صدورها عنهم عليهمالسلام.
فالمراد من طرح هذه الأخبار ليس من جهة أنّها مخالفة للكتاب ؛ لأنّ الأخبار المخالفة له في غاية الكثرة ، بل لكونها غير معلومة الصدور.
والشاهد على ذلك هو العناوين المذكورة فيها ، حيث حكم الإمام عليهالسلام بردّ أو طرح ، أو عدم قبول ما يكون مخالفا للكتاب أو لا يكون موافقا ، وبلزوم أخذ ما يكون موافقا له ، أو يكون ممّا يعلم صدوره عن المعصوم عليهالسلام ، فهذه العناوين تناسب عدم صدور ما خالف ، وصدور ما وافقه مثلا.
فبيّن الإمام عليهالسلام للسائل ميزان تشخيص ما هو الصادر عنه ، وما هو لم يصدر عنه ، فيكون مجعولا جعله الكذّابون.
فهذه الأخبار لم تكن أجنبية عن المقام كما أشار إليه المصنّف رحمهالله بقوله : (فليس المقصود من عرض ما يرد من الحديث على الكتاب والسنّة إلّا عرض ما كان منها غير معلوم الصدور عنهم).
ثمّ إنّ المراد من الطرح هو طرح غير معلوم الصدور منها إذا لم يكن على صدقه ، وصدوره شاهد وقرينة من الكتاب ، لا طرح مطلق المخالف للكتاب وإن كان معلوم الصدور ، وإلّا يلزم انحصار الحجّة والدليل في الكتاب ، ويلزم عدم حجّية الخبر أصلا ، وذلك أنّ الخبر إن كان مخالفا للكتاب فلا يكون حجّة لدلالة هذه الأخبار على المنع ، وإن كان موافقا له كان العمل ـ حينئذ ـ بالكتاب حقيقة لا به ، فيكون المراد بهذه الأخبار ردّ الأخبار المكذوبة كما يظهر من تعليل العرض في بعض الأخبار بوجود الأخبار المكذوبة في أخبار الإمامية.
قوله (ثمّ إنّ عدم ذكر الإجماع ودليل العقل من جملة قرائن الخبر ... إلى آخره) ، دفع