الدّليل المعتبر ، وبين عدم كونه لازما لأحدهما في نفس الأمر وإن اعتقد النّاقل الملازمة فأوجب له القطع بأحدهما ، فيكون معتبرا في الأوّل دون الثّاني.
وكذلك الأمر في نقل التّواتر في الخبر ؛ حيث إنّه يصدق فيما لو أوجب العدد الّذي أخبر به العلم بثبوت المخبر به لكلّ من اطّلع عليه دون ما لم يكن كذلك ، وهو أنّ التواتر على ما صرّحوا به صفة في الخبر يوجب العلم بصدق المخبرين من جهة نفس كثرتهم من دون ضمّ شيء آخر ، وإلاّ لم يكن الخبر متواترا ؛ ضرورة أنّه ليس كلّ خبر علميّ بمتواتر في الاصطلاح ، وليس هذا ممّا يختلف فيه أحد من الخاصّة والعامّة.
فإذا أخبر أحد بالتّواتر في خبر ، فقد أخبر بأخبار جماعة كثيرة يمنع عادة خطأهم وتواطؤهم على الكذب. وإن فرض كون عدد موجبا للعلم لأحد دون الآخر ، فلا يكون الموجب نفس العدد وإلاّ لم يتخلّف. فإذا فرض كون الموجب نفس العدد كما هو المفروض ، فلا بدّ أن يكون كذلك في حقّ كلّ أحد.
وكذلك نقل الإجماع على طريقة المتأخّرين ؛ فإنّ المفروض كون الموجب للعلم بقول الإمام عليهالسلام للنّاقل ، نفس كثرة الفتاوى من دون ضمّ شيء آخر ؛ فإنّ الإجماع عند المتأخّرين القائلين بالحدس إنّما هو هذا المعنى ، لا مطلق اتّفاق جماعة أوجب العلم بقول الإمام عليهالسلام من جهة انضمام أمور أخر هذا.
وقد يجاب عن هذا السؤال في الموضعين : بأنّ الكلام ليس في مفهوم التّواتر والإجماع ؛ فإنّه أمر مسلّم مفروغ عنه ليس فيه خلاف لأحد كما ذكر في السّؤال. وإنّما الكلام في تطبيق هذا المفهوم على الصّغريات ؛ ضرورة أنّ المتواتر ليس عددا معيّنا محصورا كالألف مثلا حتّى رجع الإخبار به دائما إلى الإخبار بالألف.