وفيه أيضا : ما لا يخفى من الوهن والفساد ؛ ضرورة أنّ المناط في حجيّة الخبر :
إن كان الظّن من حيث هو من غير مدخليّة الخبر أصلا فيكون مدلول دليله حجيّة مطلق الظن ، من غير فرق بين الضّعيف والقوي ، وهو خروج عن محلّ البحث ، مضافا إلى وضوح فساده.
وإن كان المناط في حجيّته الظّن الحاصل من السّبب الخاصّ على ما هو معنى الظّن الخاصّ ، فكيف يمكن التّعدي من دليله إلى غيره؟
فإن قلت : الظّاهر من الدّليل ، وإن كان ذلك ، إلاّ أنّ المظنون إناطة الحكم بالظّن من حيث هو ، فإذا فرض وجود الفرد الأقوى في الشّهرة فيحكم بمقتضى الأولويّة بكونها حجّة.
قلت : إذا فرض ظهور الدّليل في نفي المناط المزبور ، فكيف يجوز الاعتماد على هذا الظّن القياسي المعارض للظّهور اللّفظي؟ سلّمنا ، لكن يؤول الأمر بعد اللّتيّا والّتي إلى التمسّك في حجيّة الشّهرة بالأولويّة الظنية الّتي استشكل في أمرها وخروجها عن القياس المحرّم غير واحد من أهل الظّنون المطلقة ، حتّى المحقّق القمي قدسسره في « القوانين » ، وإن تمسّك بها بعض أهل الظّنون الخاصّة في بعض الموارد ، مثل ثاني الشهيدين فيما عرفت منه ، وصاحب « المعالم » في مطهّرية الاستحالة للمتنجّسات (١) ، لكن بزعم كونها من الفحوى والدّلالة اللّفظيّة ، كما زعمه المتوهّم في المقام أيضا ، وإن كان ظاهر الفساد ؛ لظهور الفرق بين الفحوى
__________________
(١) فقه معالم الدين وملاذ المجتهدين : ٧٧٦.