الدّلالة المذكورة في محلّه وظهور التّعليل في تبعيّة الحكم المعلول له من حيث كونه من آثاره.
فالتّرجيح ليس من جهة المنطوق والمفهوم ؛ حتّى يرد النّقض بالمنفصلين ، بل من جهة الاتّصال والوجود في كلام واحد ؛ ضرورة عدم استقرار ظهور صدر الكلام حتّى يفرغ المتكلّم منه ، مضافا إلى كون العموم مستندا إلى التّعليل الآبي عن التّخصيص ، المقتضي لحمل المعلول على ما يقتضيه التّعليل عموما وخصوصا ، فيحكم بملاحظة ما ذكر : أنّ الغرض من التّعليق ليس الدّلالة على الانتفاء عند الانتفاء بل مطلب آخر ، فليس هناك في الحقيقة خاصّ يعارض العموم.
فإن شئت قلت : إن التّعليل الجاري في صورة انتفاء الوصف أو الشّرط قرينة على أنّ الغرض من التّعليق على أحدهما الدّلالة على شيء آخر غير المفهوم.
وممّا ذكرنا كلّه تبيّن استقامة ما أفاده قدسسره في الجواب عن السؤال بقوله : ( لأنّا نقول ما ذكر أخيرا ... إلى آخره ) (١) وهو المراد أيضا من قول الشّيخ في « العدّة » : من ترك دليل الخطاب أي : مفهوم المخالفة لدليل ؛ فإنّ غرضه من التّرك : الحكم بخلوّ الجملة عن المفهوم وكون الغرض من التّعليق أمرا آخر.
(٨٧) قوله قدسسره : ( كما في قول القائل ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٢٦٠ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ المثال المذكور كما يكون مخصّصا يكون معمّما أيضا ؛ فإنّه يتعدّى بحكم التّعليل عن المورد إلى كلّ ما يكون حامضا.
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٢٥٩.