التّعليل ينطبق على ما كان العمل به في معرض الوقوع في النّدم المنتفي مع حصول الاطمئنان بالفرض ؛ لأنّ الواجب بالآية ـ على هذا التّقدير ـ تحصيل الاطمئنان في مورد إخبار الفاسق ؛ من حيث إنّ العمل بدونه في معرض الوقوع في مخالفة الواقع ، فلا يعقل التّعارض حينئذ بين المفهوم وعموم التّعليل.
لكنّه يرد عليه ـ مضافا إلى مخالفة هذا المعنى لظاهر لفظ التّبيّن ـ :
أوّلا : بأنّ إرادة هذا المعنى يلغو الاستدلال بالمفهوم ؛ حيث إنّ الآية بمنطوقها تدلّ حينئذ على حجيّة خبر العادل ، بناء على إرادة الوجوب الشرطي حسبما عرفت : من أنّه لا بد من ابتناء الاستدلال عليها.
وثانيا : بأنّ إرادتها توجب إثبات حجيّة مرتبة خاصّة من مطلق الظن ، وهو الظن الاطمئناني ، من غير نظر إلى خبر العادل ، فيخرج عن محلّ النّزاع. كما أنّه على تقدير إرادة الأعمّ من مطلق الظّن يثبت حجيّة مطلق الظّن كما زعمه في « القوانين » حتّى مع التّمكّن من تحصيل العلم بالواقع. ولا أظنّ أحدا يلتزم بذلك ، وإن كان ربّما يجري في لسان المحقّق القميّ قدسسره في « القوانين » ، لكنّه ليس مذهبه كما يظهر من كلماته في الفقه.
نعم ، بعض مشايخنا (١) في « شرحه على الشّرائع » نفى البعد عن الاعتماد على الظّن الاطمئناني حتّى مع التّمكن من تحصيل العلم متخيّلا : أنّه من مصاديق العلم عرفا ، وهو ـ كما ترى ـ زعم لا وجه له ، مضافا إلى اختصاصه بما تعلّق
__________________
(١) الفقيه البطل الشيخ محمّد حسن النجفي صاحب الجواهر ، انظر الجواهر : ج ٥ / ٣٣٥ ط دار المؤرخ العربي.