وأمّا دلالة التّعليل فهي من جهة استقلال العقل بقبح التّعليل بالعلة المشتركة ، الرّاجع إلى نفي العليّة عن العلّة بعد فرض اشتراكهما في احتمال الخطأ من جهة الحدس والاعتقاد.
وهذا كما ترى لا ينافي تطرّق احتمال التّعبّد في خبر العادل أيضا حتّى يقال : بعدم الفرق بينه وبين خبر الفاسق من هذه الجهة. فمرجع ما ذكر عند التأمّل إلى دلالة الآية بالنّظر إلى التّعليل على عدم حجيّة خبر الواحد رأسا ، عادلا كان المخبر أو فاسقا كما سيأتي بيانه مشروحا عند البحث عن حجيّة خبر الواحد.
والكلام في المسألة على ما عرفت على تقدير دلالة الآية على حجيّة خبر العادل ، فإنّ الفرق بينه وبين خبر الفاسق إنّما هو في مرتبة الاحتمال وكونه ضعيفا في خبر العادل ـ بالنّظر إلى ملكة العدالة الرّادعة عن التّعمّد في الكذب ـ دون خبر الفاسق ، فيجب التّبيّن وتحصيل الاطمئنان من الخارج.
(٥) قوله قدسسره : ( فإن قلت : إنّ مجرّد دلالة الآية على ما ذكر ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٨١ )
أقول : حاصل ما أفاده قدسسره من السّؤال : أنّ الاستدلال بالآية في المقام إنّما هو بعد البناء على دلالتها على حجيّة خبر العادل الّتي يرجع إلى البناء على صدقه فيما يخبر عنه وكون خبره مطابقا للواقع.
ولازم هذا المعنى ـ كما ترى ـ عدم الاعتناء بجميع الاحتمالات المتطرّقة في خبره الملازمة على تقدير المطابقة لعدم مطابقة الخبر للواقع هذا. مضافا إلى إطلاق عدم وجوب التّبين في جانب المفهوم.