من شأنه أن يدرك بالحسّ وإن كان طريق النّاقل إليه الحدس.
وإن أريد أنّه لا يطلق النّبأ إلاّ على ما كان علم المخبر به بطريق الحسّ فواضح الفساد ؛ للقطع بأنّ من أخبر عن إلهام أو وحي أو مزاولة بعض العلوم كالنّجوم يعدّ منبئا ومخبرا. قال الله تعالى حكاية عن عيسى عليهالسلام ( وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ) (١). ولا ريب أن إخباره عليهالسلام لم يكن عن حسّ.
ومثله قوله تعالى في غير موضع ... ) (٢). إلى آخر ما ذكره من الاستشهاد بالآيات الّتي أطلق النّبأ فيها على المعنى الأعم.
ثمّ قال :
« وكذا الكلام فيما دلّ على حجيّة خبر الواحد من الأخبار لما عرفت من شمول الخبر ومرادفاته لنقل الإجماع » (٣). انتهى كلامه رفع مقامه.
وقد عرفت : أنّ الوجه في عدم العموم ، ليس عدم إطلاق النّبأ على النّبأ الحدسي ، بل عدم دلالة الآية إلاّ على نفي احتمال التّعمد في الكذب عن العادل في مرحلة الظّاهر ، هذا كلّه.
مع أنّ الإطلاق الّذي ادّعاه أعمّ من الحقيقة والحقيقة أيضا لا توجب جواز التّمسك ؛ إذ ربّما يكون الظّاهر من المطلق بعض أفراده عند الإطلاق ، وأضعف من التّمسّك بالآية التّمسك بالأخبار في المقام ، مع أنّك قد عرفت سابقا وضوح
__________________
(١) آل عمران : ٤٩.
(٢) الفصول الغرويّة : ٢٥٩.
(٣) نفس المصدر : ٢٥٩.