وأمّا اعتبار كونهما متعلّق الخبر المخالف للأصل ، وبعبارة أخرى : الأخبار المثبتة للتّكاليف الإلزاميّة فيما لا يحكم بمقتضاها بمقتضى الأصول المثبتة للتّكليف الإلزامي ؛ فلأنّ الرّجوع إلى الأصل لا يوجب طرح المعلوم بالإجمال ؛ لأنّ الخبر الدّال على الإباحة مثلا ولو كان صادرا عن الإمام عليهالسلام في الواقع لا يقتضي إيجاب العمل بمقتضاه حيث إنّ الالتزام بالإباحة الظّاهريّة ثابتة بالفرض ، كما أنّ الالتزام بالحكم الواقعي على ما هو عليه ثابت أيضا والالتزام بالإباحة الظّاهريّة من حيث اقتضاء الخبر لها لا دليل عليه أصلا ، وإن منع العلم بصدوره تفصيلا عن جريان الإباحة الظّاهريّة إلاّ أنّ الرّجوع إلى الأصل في مورد العلم الإجمالي لا يوجب طرحه عملا والتزاما.
وكذلك الخبر الدّال على الوجوب مثلا لا يقتضي إلاّ وجوب إيجاد الفعل في الخارج ، والمفروض حصوله بمقتضى الأصل المطابق له ووجب إيجاده من حيث دلالة الخبر عليه لا مطلقا إنّما هو إذا علم بصدوره تفصيلا لا إجمالا.
والفرق ظاهر ؛ حيث إنّ الاحتياط لا يوجب رفع اليد عن الأصل المثبت للتّكليف ، وليس العلم بصدور بعض الأخبار في الفرض إلاّ نظير العلم ببقاء الحالة السّابقة في أحد مستصحبي النّجاسة إجمالا ، أو وقوع نجاسة في واحد من مستصحبي النّجاسة ؛ فإنّ هذا العلم الإجمالي لا يوجب رفع اليد عن استصحاب النّجاسة جزما ، والالتزام بالحكم الظّاهري الإلزامي أيضا حاصل وإن لم يكن من مقتضيات أدلّة وجوب العمل بالخبر الصّادر على ما عرفت. فلا بدّ أن يدّعى كون