وعرفت توجيه التّأمّل به في مطاوي شرح الحاشية ـ التّأمل في حكم الظّن المتعلّق ابتداء بالضّرر كما في الشّبهة الموضوعيّة والظّن المتعلّق به ثانيا وبالعرض ؛ من جهة الظّن المتعلّق بالحكم الإلزامي الشّرعيّ كما في الشّبهة الحكميّة ؛ فإنّ المناط هو الظّن بالتّضرّر عند العقلاء فلا بدّ إمّا من القول بعدم حكم العقل في الصّورتين وإمّا من القول به فيهما فالتّفصيل لا معنى له. وإن كان هذا منظورا فيه بعد التّأمّل فيما تلوناه عليك.
ثمّ إنّ الوجه المذكور للتّأمّل دعاه قدسسره إلى العدول عمّا أفاده إلى الجواب عن القاعدة في الضّرر الدّنيوي بقوله : « والأولى والأسلم في الجواب ... إلى آخره » (١) الرّاجع إلى منع استلزام الظّن بالحكم الإلزامي للظّن بالمفسدة الكامنة في الفعل من غير احتياج إلى إثبات التّدارك وإن قلنا بتبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد على ما هو المفروض ؛ إذ لا يلزم القول بذلك القول بوجود المفاسد في ذوات الأفعال ، بل يكفي الالتزام بوجود المفاسد الدّاعية للطّلب والباعثة عليه في الجملة ، ولو كان في الفعل باعتبار وجوده بعنوان المعصية ، ولا يلزم عليه محال ؛ من حيث إنّ تحقق الإطاعة والمعصية متأخّر عن الطّلب المتأخّر عن جهته أعني المصلحة والمفسدة ؛ إذ الحكمة الدّاعية على الطّلب والعلّة الغائية له لا بدّ أن تكون مقدّمة عليه من حيث التصوّر وإن كانت متأخّرة عنه من حيث الوجود ، كما هو الشّأن في مطلق العلل
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٣٧٩ في الهامش.