والدّليل الدّال على حرمة ارتكاب المضرّ لا يجدي مع عدم إحراز الموضوع بالطّريق المعتبر. والمفروض إذن الشّارع بالرّجوع إلى الأصول فيما لم يقم هناك دليل على الرافع حتّى في مورد قيام الظّن ، فالضّرر وإن كان مظنونا من جهة الظّن بالتّحريم الشّرعي إلاّ أنّه مع كونه متداركا على تقدير ثبوته من جهة إذن الشّارع فيه الثّابت بالفرض لا يستقلّ العقل فيه بشيء.
فجعل مطلق الظّن بالضّرر في الفرض حجّة يتوقّف على جعل الظّن بالحرمة مطلقا حجّة شرعيّة من دليل الانسداد ونحوه ؛ فيرجع الكلام إلى عدم صلاحيّة قاعدة وجوب الدّفع لجعل الظّن بالتّحريم والوجوب حجّة في الأحكام الشّرعيّة ؛ من حيث استلزامه للظّن بالضّرر الدّنيوي إمّا من جهة منع استقلال العقل في ذلك الّذي يرجع إلى المنع الكبروي ؛ وإمّا من جهة ثبوت التّدارك من إذن الشّارع في مورد الظّن المستفاد من أدلّة حرمة العمل بغير العلم وأدلّة الأصول فيرجع إلى المنع الصّغروي ، وإن كان الثّاني منظورا فيه.
نظرا إلى أنّه بعد تسليم استقلال العقل في الحكم لم يكن هناك محلّ للرّجوع إلى عمومات حرمة العمل بغير العلم أو أدلّة الأصول فلا بدّ من منع استقلال العقل وإن كان إذن الشّارع على تقدير مصادفته للوقوع في الضّرر في مورد ثبوته بتدارك به الضّرر.
فلعلّ هذا وجه أمره قدسسره بالتّأمّل وإن كان بعيدا عن مساق العبارة ؛ إذ الظّاهر منها بعد إمعان النّظر ـ كما صرّح به قدسسره في مجلس المذاكرة على ما هو ببالي