(٢٤٥) قوله قدسسره : ( ومنها : أنّ الأدلّة النّافية للعسر ... إلى آخره ) ( ج ١ / ٤١٢ )
أقول : توهّم عدم شمول الأدلّة النّافية للعسر للمقام من وجهين :
أحدهما : ما أفاده قدسسره في « الكتاب » : من أنّ المنفيّ بها هو الأحكام المجعولة أوّلا وبالذّات للأفعال والموضوعات العسرة بحيث لم يستند إلى غير الشّارع أصلا ؛ إذ الظّاهر من قوله تعالى ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) ونحوه : هو ما ذكر لا غيره ، فيبقى الغير تحت العمومات والأدلّة المقتضية للتّكليف بالأمور المتعسّرة ، فإذا كان موضوع وجوب الاحتياط والسّبب فيه اشتباه الحكم الإلزامي الصّادر من الشّارع بحيث لو لم يكن تقصير من المكلّفين في حفظه وتبليغه بل في اختفاء من كان حافظا للدّين ومبيّنا لما اشتبه من أحكام جدّه سيّد المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم للمكلّفين لم يقعوا في الاشتباه جدّا فلا ينفي تلك الأدلّة.
ثانيهما : أنّ المنفي بتلك الأدلّة : هو الحكم الشّرعي لا العقلي ؛ فإنّ صريح قوله تعالى : ( وَما جَعَلَ ... ) الآية هو المجعولات الإلهيّة لا العقليّة. ومن المعلوم ضرورة أنّ الحاكم بوجوب الاحتياط في موارد العلم الإجمالي بالتكليف الإلزامي هو العقل ، وما ورد من الأخبار بعنوان العموم لا يستفاد منها وجوب الاحتياط وعلى تقدير الدّلالة يكون مؤكّدا لحكم العقل نظير ما دلّ من الآيات
__________________
(١) الحج : ٧٨.