ثمّ إنّه لم يتعرّض لوجه عدم جريان أصالة التّخيير في مواردها وإن تعرّض لها عند بيان مقتضى الأصل في الوقائع بقوله : ( وأمّا الرّجوع في كلّ واقعة ... إلى آخره ) (١) من حيث وضوح كون الموضوع والمناط فيها تسوية الاحتمالين المرتفعة بالظّن ، فالرّجوع إلى الظّن في موارد التّخيير ممّا لا مناص عنه ، سواء على القول بكون نتيجة المقدّمات حجيّة الظّن ، أو التّبعيض في الاحتياط. كما أنّ الأخذ بالتّخيير ممّا لا مناص عنه مع عدم التّمكن من تحصيل الظّن على كلّ تقدير ، هذا. وسيجيء توضيح القول في ذلك زيادة على ذلك في التّنبيه الثّاني.
وحاصل ما أفاده قدسسره في حكم المقام : أنّه بعد البناء على عدم جواز الرّجوع إلى الأصول النّافية من جهة العلم الإجمالي يؤول الأمر بالأخرة إلى الأخذ بمقتضى التّكليف الإلزامي سواء كان من جهة الأخذ بالاحتياط أو الاستصحاب أو التّخيير فيوافق من حيث العمل للاحتياط الكلّي فيلزمه العسر والحرج لا محالة.
(٢٦٥) قوله قدسسره : ( والثّاني : أنّ الجاهل الّذي وظيفته ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٤٢٩ )
أقول : إذا فرض عدم شمول دليل التّقليد كتابا وسنّة وإجماعا للمقام كما هو واضح لكلّ من له أدنى تأمّل ، فلا معنى للحكم بتبعيّته وتقدّمه على الظّن ، بل مقتضى الوجه الأوّل : كونه ممّا قام الدّليل القطعي على حرمته من حيث
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٤٢٨.