وهذا هو الوجه عندنا وقد مال إليه قدسسره في أواخر الاستصحاب ، إلاّ أنّ استفادة ذلك من أخبار الاستصحاب بحيث يفرّق في الغاية بين العلم الإجمالي بالتّكليف الإلزاميّ وغيره ، يحتاج إلى إمعان نظر تامّ ، ولعلّنا نتكلّم في ذلك ونشرح لك القول فيه في أجزاء التّعليقة المتعلّقة بالبراءة والاستصحاب.
ثمّ إنّ الوجه في أمره قدسسره بالتّأمّل يحتمل أن يكون منع قدح العلم الإجمالي بالنّسبة إلى الأصول المثبتة كما هو مبنى الوجه الأخير ، ويحتمل أن يكون منع جريان ما لم تنتقض حالته السّابقة في علم الله كما هو مبنى الوجه الثّاني ، بناء على حمل كلامه عليه كما سمعنا عنه في مجلس البحث ؛ حيث إنّ عدم الانتقاض واقعا وبقاء الحالة السّابقة في علم الله لا يمكن أن يجعل مناطا وموضوعا للأصل الظّاهري ولا يقاس ذلك بالخبر الصّحيح المردّد بين الخبرين للفرق بينهما بما لا يخفى على ذي مسكة ؛ فإنّ الصّحة تكون عنوانا لحجيّة الخبر بخلاف بقاء المستصحب في الواقع فإنه لا يمكن أن يكون مناطا وإنما المناط الشّك في البقاء المتحقّق بالنّسبة إلى كلّ منهما هذا.
ثمّ إنّ لازم الوجوه الثّلاثة في الأصول المثبتة بأسرها البناء على الأخذ بالتّكليف الإلزامي وإن افترقت من جهة أخرى ؛ حيث إنّ لازم الوجه الأخير الراجع إلى جريان الاستصحاب الحكم بترتّب جميع آثار المستصحب في زمان الشّك فيحكم بتنجس ملاقي أحد مستصحبي النّجاسة مع العلم بطهارة أحدهما بخلافه على الوجهين الأوّلين كما هو واضح وسيجيء تفصيل القول فيه في محلّه هذا.