إذا لم يكن تكليفا مستقلاّ في قبال التّكليف بالواقع كالتكاليف الواقعية كما هو المسلّم الواضح الّذي لم يتوهّم أحد خلافه ، فلا بدّ إمّا من إرجاع التّكليف بالواقع إليه ؛ بمعنى عدم إرادة إطاعته إلاّ إذا ساعد عليه الطّريق ، فالواقع الّذي لم يكن مدلولا لأحد الطّرق المعتبرة لا يجب امتثاله على المكلّف لا بمعنى عدم ثبوته في نفس الأمر فيما لم يساعد عليه الطّريق حتّى يلزم التّصويب الباطل ، فالتّكليف الفعلي الّذي عليه المدار في وجوب الإطاعة وحرمة المعصية تابع لقيام الطريق ، أو إرجاع التّكليف بالطّريق إليه ؛ بمعنى عدم لزوم العمل به إلاّ فيما طابق الواقع فيكون عند عدم المطابقة غير واجب العمل واقعا ، ولمّا لم يعقل الثّاني ؛ حيث إنّ العلم بالمطابقة يوجب امتناع جعل التّكليف الظّاهري في حقّ العالم ولا يعقل اعتبار ما يوجب العلم به ارتفاع موضوع الحكم فيه ، فتعيّن الوجه الأوّل وهو الّذي أفاد بقوله : ( ومرجع التّكليفين ... إلى آخره ) (١) وفعليّة الأحكام الواقعيّة عند تحصيل العلم بها من جهة كون العلم طريقا شرعيّا معتبرا بحكم العقل. هذا ما يقال في توضيح مرامه.
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٢٧٧.